فقال : اسمعها منه.
ثمّ استيقظت فباكرت إلى دار الحيص بيص ، فخرج إليّ فذكرت له الرؤيا ، فشهق وأجهش بالبكاء ، وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي إلى أحد! وإن كنت [ ٩٣ ـ ب ] نظمتها إلاّ في ليلتي هذه! وهي :
ملكنا فكان العفو منا سجيّة |
|
ولمّا ملكتم سال بالدم أبطح |
وحللتم قتل الأسير وطالما |
|
غدونا عن الأسرى نعف ونصفح |
ولا غرو في ما بيننا من تفاوت |
|
فكلّ إناء بالذي فيه ينضح (١) |
[١٩٤] ـ وأخبرني أبو الطليق معتوق بن أبي السعود البغدادي المقرئ قال : أنشدني الوزير أبو غالب بن الحصين هذه الأبيات للحيص بيص.
[١٩٥] ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري قال : أخبرنا أحمد ابن محمّد بن أحمد الاصبهاني الحافظ ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار الصيرفي ، قال : سمعت أحمد بن محمّد العتيقي يقول : سمعت أبا عبد الله ابن عبيد العسكري يقول : سمعت أبا الفضل العبّاس بن عبد السميع المنصوري. يقول :
سمعت الفتح بن شخرف يقول : كنت أفت للنمل الخبز كلّ يوم ، فلمّا كان يوم عاشوراء لم يأكلوه!
__________________
ص ٤٢٦٢ من كتابه القيّم : « بغية الطلب في تاريخ حلب » ترجمة وافية ، فقد جاء في أوّلها :
أبو الفوارس التميمي المعروف بالحيص بيص ، ولد بكرخ بغداد واشتغل بالفقه والأدب ونظم الشعر وسافر الى الشام ، وقيل انه دخل حلب وكان يتعاظم في نفسه ويترفع على أبناء جنسه ويرى أنه يستحق أكثر مما يعامل به ولقب الحيص بيص لأنّه قال لانسان خاطبه : وقعت منك في حيص بيص ، وذكر ذلك في شعره ، فغلب عليه ، وكان عفيفا مجانبا ما يقدح في الدين والمروءة ...
(١) ويقال بالفارسيّة : « از كوزه همان برون تراود كه در اوست ».
(١٩٥) روى الخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين عليهالسلام : ٢ / ١٠٣ رقم ٢٤ عن أبي عبد الله الحافظ ، عن الزبير ابن عبد الله ، عن أبي عبد الله بن وصيف عن المشطاح الوراق يقول :
سمعت الفتح بن سحرف العابد يقول : كنت أفت الحبّ للعصافير كلّ يوم فكانت تأكل ، فلمّا كان يوم عاشوراء فتت لها فلم تأكل ، فعلمت أنها امتنعت لقتل الحسين بن علي عليهالسلام.