أمارة بلحاظ كونه طريقا ، وأخرى يقال : إنّه حكم ظاهري بلحاظ كونه حجّة.
والقسم الآخر : الأحكام الظاهريّة التي تجعل لتقرير الوظيفة العمليّة تجاه الحكم المشكوك ، ولا يراد بها إحرازه ، وتسمّى بالأصول العمليّة.
القسم الثاني من الأحكام الظاهريّة هو الأحكام الظاهريّة المجعولة لأجل تحديد الموقف العملي وتقرير الوظيفة العمليّة اتّجاه الواقع المشكوك ، فليس فيها أي كشف ظنّي عن الواقع ، ولا تفترض وجود طريق كاشف عن الواقع ولو ظنّيا ؛ لأنّه لا يراد من جعلها إحراز الواقع ، بل المراد تحديد الموقف فقط ، فهي إمّا أن تكون مثبتة للتنجيز كالاحتياط ، أو تكون مثبتة للتأمين كالبراءة.
وهذه الأحكام الظاهريّة تسمّى بالأصول العمليّة ، فالبراءة مثلا يقال : إنّها أصل عملي مؤمّن للواقع المشكوك.
ومن هنا ظهر أنّه يوجد فرق بين الأمارات والأصول مع كونهما حكمين ظاهريين ، ولذلك من حقّنا أن نتساءل عن وجه الفرق بينهما والذي على أساسه كانت الأمارات محرزة للواقع بخلاف الأصول مثلا. وللإجابة على ذلك هنا عدّة اتّجاهات منها :
ويبدو من مدرسة النائيني قدسسره (١) التمييز بين هذين القسمين على أساس ما هو المجعول الاعتباري في الحكم الظاهري ، فإن كان المجعول هو الطريقيّة والكاشفيّة دخل المورد في الأمارات ، وإذا لم يكن المجعول ذلك وكان الجعل في الحكم الظاهري متّجها إلى إنشاء الوظيفة العمليّة دخل في نطاق الأصول.
فرّقت مدرسة المحقّق النائيني بين الأمارات والأصول على أساس ما هو المجعول في كلّ منهما.
فإن كان المجعول الاعتباري في الحكم الظاهري هو الكاشفيّة والطريقيّة دخل هذا الحكم الظاهري تحت عنوان الأمارات. وإن كان المجعول الاعتباري فيه مجرّد
__________________
(١) يبدو أنّ التفاصيل المنسوبة هنا إلى مدرسة المحقّق النائيني حصيلة ما جاء في مصادر عديدة ، وإن كان كلّ واحد منها غير خال عن الغموض والتشويش ، بل المغايرة أحيانا في جوانب تلك التفاصيل. انظر بهذا الصدد : أجود التقريرات ٢ : ٧٨ و ٤١٦ ، ومصباح الأصول ٢ : ١٠٤ ـ ١٠٦ و ٣ : ١٥٤.