كاشفا وحجّة وعلما وطريقا إلى الواقع بسبب قوّة هذا الاحتمال ، بقطع النظر عن الحكم الذي يحكي عنه الثقة فإنّه غير مأخوذ بعين الاعتبار ؛ لأنّ خبر الثقة تارة يحكي عن الوجوب وأخرى عن الحرمة وثالثة عن الترخيص والإباحة وهكذا. فهناك أنواع مختلفة من الأحكام يخبر عنها الثقة وكلّها لم تكن ملاحظة عند جعل الحجيّة له ، بل كان الملاحظ فيه قوّة الاحتمال الكاشف عن الواقع وغلبة المطابقة. وحينئذ لا يضرّنا الصياغة الإنشائيّة التي يبرزها الشارع ، سواء كانت بلسان جعل العلميّة والكاشفيّة والطريقيّة ، أو بلسان الجري العملي ، أو بلسان التنزيل فإنّها مجرّد إنشاءات فقط.
وإن قدّمت بعض المحتملات على البعض الآخر لأهميّة المحتمل بدون دخل لكاشفيّة الاحتمال في ذلك كان الحكم من الأصول العمليّة البحتة ، كأصالة الإباحة وأصالة الاحتياط الملحوظ في أحدهما أهميّة الحكم الترخيصي المحتمل ، وفي الآخر الحكم الإلزامي المحتمل ، بقطع النظر عن درجة الاحتمال ، سواء كان لسان الإنشاء والجعل للحكم الظاهري لسان تسجيل وظيفة عمليّة أو لسان جعل الطريقيّة.
القسم الثاني : أن يكون الترجيح والأهميّة بلحاظ قوّة المحتمل ، بأن يكون لنوعيّة الحكم درجة من الأهميّة بسببها يجعل الشارع الحكم الظاهري من دون ملاحظة نوع الاحتمال ومدى درجة كاشفيّته عن الواقع ، فإنّه لا مدخليّة لذلك. وإنّما الشارع لاحظ المؤدّى والحكم الذي يحكي عنه هذا الحكم الظاهري فجعله حجّة من قبيل أصالة الإباحة ، حيث إنّ الحكم الذي تحكي عنه هو الإباحة والترخيص ، فهذا النوع كان له أهميّة بنظر الشارع لأجل إصدار الحكم الظاهري ليجعل الحجيّة لهذه الإباحة عند الشكّ في الإباحة والحرمة أو الإباحة والوجوب ، فيكون كاشفا؟
هذا الحكم الظاهري عن كون الملاكات والمبادئ الواقعيّة الأهمّ عند الشارع هي ملاكات الترخيص والإباحة بأن كانت ذات ملاك اقتضائي يترجّح على ملاكات الإلزام.
وكذلك بالنسبة لأصالة الاحتياط الملحوظ فيها عند جعل الحكم الظاهري هو قوّة المحتمل وهو الحكم الإلزامي الذي تحكي عنه بحيث يكون الأهمّ بنظر الشارع هو ملاكات الوجوب أو الحرمة عند الاشتباه بين الوجوب والإباحة أو بين الحرمة