والترخيص ، وهذا معناه أنّ ملاكات الحرمة والوجوب كانت أهمّ من ملاكات الإباحة والترخيص.
وهذا النحو يسمّى بالأصول العمليّة البحتة والمحضة والصرفة.
ولا فرق في ذلك سواء كان لسان جعلها وإنشائها لسان تحديد الموقف العملي وتسجيل الوظيفة العمليّة أو كان بلسان جعل الطريقيّة والكاشفيّة والعلميّة أو بلسان الجري العملي والتنزيل ، فإنّها لا تضرّ ما دامت صياغات اعتباريّة إنشائيّة فقط.
وإن قدّمت بعض المحتملات على البعض الآخر بلحاظ كلا الأمرين من الاحتمال والمحتمل ، كان الحكم من الأصول العمليّة التنزيليّة أو المحرزة ، كقاعدة الفراغ.
القسم الثالث : أن يكون الترجيح والأهميّة بلحاظ الاحتمال والمحتمل معا بأن يكون لقوّة الاحتمال والكاشفيّة عن الواقع مضافا إلى نوعيّة المحتمل الذي تحكي عنه مدخليّة في جعل الحكم الظاهري. ومثاله : قاعدة الفراغ فإنّ الملحوظ فيها أمران :
الأوّل : قوّة الاحتمال والكاشفيّة ، وهو غلبة التذكّر والانتباه والالتفات أثناء العمل إلى ما يقوم به من أفعال وأنّها على وجهها الصحيح أكثر ممّا بعد الانتهاء والفراغ منه. وهذا يعني أنّه بعد الفراغ من العمل يوجد كاشف قوي على أنّه قد أتى بالعمل على وجهه المأمور به.
والثاني : قوّة المحتمل ، وهو كون هذا العمل قد فرغ منه وتمّ ولذلك لا تجري قاعدة الفراغ أثناء العمل لو كان الشكّ في الأثناء ، بل يحكم بلزوم الإعادة.
فهناك حيثيّتان موجودتان في قاعدة الفراغ إذا وجدتا معا كانت القاعدة حجّة وإذا انتفت إحدى الحيثيّتين تنتفي الحجيّة. وهكذا الحال بالنسبة للاستصحاب.
فهناك جانب قوّة الاحتمال والكاشفيّة وهي غلبة أنّ ما وجد يبقى ، وجانب قوّة المحتمل وهو أركان هذه القاعدة من وجود يقين وشكّ وقضيّة متيقّنة مشكوكة وأثر عملي ، أو هو الحالة السابقة نفسها. فإنّ الاحتمال الكاشف عن البقاء له دور في جعل الحجيّة للاستصحاب وكذلك تماميّة أركان القاعدة ، فإذا انتفى أحد الجانبين لم يكن الاستصحاب حجّة. وهذا النحو يسمّى بالأصول العمليّة التنزيليّة أو بالأصول العمليّة المحرزة ؛ وذلك لوجود جهة الكاشفيّة والاحتمال ووجود جهة المحتمل