الثاني : أن يكون زمان إصدار الحكم مقارنا لوجود بعض هذه الأفراد ومتقدّما عن وجود الأفراد الأخرى ، بأن يلاحظ الحاكم هذه الأفراد الموجودة سابقا والموجودة الآن والتي ستوجد فيما بعد إلى زمان معيّن ويشير إليها في حكمه ويصبّه عليها ، فيقول : ( أكرم العلماء الذين وجدوا سابقا والذين يوجدون الآن والذين سيوجدون إلى سنة مثلا ). فحكمه هنا منصبّ على موضوع خارجي ؛ لأنّه أشار إلى هذا الموضوع في حكمه ، وإن كان بعض أفراد الموضوع لم يكن فعليّا الآن ولكن يفترض أنّه أتيح له أن يحصي من سيوجد من العلماء في خلال الزمان الاستقبالي. فهذه قضيّة خارجيّة أيضا.
والحاصل : أنّ القضيّة الخارجيّة قد يكون أفراد موضوعها موجودين فعلا ، وقد يكونون موجودين في المستقبل. فإنّ المهمّ فيها هو أن يشير إليهم الحاكم في حكمه ، فالإشارة إلى الخارج هي الملاك في القضيّة الخارجيّة.
والقضيّة الحقيقيّة : هي القضيّة التي يلتفت فيها الحاكم إلى تقديره وذهنه بدلا عن الواقع الخارجي ، فيشكّل قضيّة شرطيّة شرطها هو الموضوع المقدّر الوجود وجزاؤها هو الحكم ، فيقول : ( إذا كان الإنسان عالما فأكرمه ) ، وإذا قال : ( أكرم العالم ) قاصدا هذا المعنى فالقضية ـ روحا ـ شرطيّة وإن كانت ـ صياغة ـ حمليّة.
القضيّة الحقيقيّة : هي التي يكون موضوعها موجودا في نفس الأمر والواقع ، بمعنى أنّ الموضوع موجود في ذهن الشارع وتصوّره بقطع النظر عن كونه موجودا في الخارج الآن أو في الماضي أو في المستقبل ، فالشارع ينظر إلى الموضوع بما هو موجود فعلا في تصوّره وذهنه سواء كان موجودا في الخارج أم لا. فالوجود الخارجي للموضوع لم يكن مأخوذا بعين الاعتبار حين إصدار الحكم والتشريع. وهذا يعني أنّ الموضوع مفترض ومقدّر الوجود على نهج القضيّة الشرطيّة التي يكون الجزاء فيها معلّقا على تقدير تحقّق الشرط في الخارج ، وعلى هذا الأساس يصبّ المولى حكمه إمّا بلسان قضيّة شرطيّة ، وإمّا بلسان قضيّة حمليّة جوهرها وروحها قضيّة شرطيّة.
مثال الأوّلى : أن يقول : ( إن وجد عالم فأكرمه ). فهذه القضيّة أخذ فيها الموضوع مقدّر ومفترض الوجود والتحقّق ؛ لأنّ تعليق الجزاء على الشرط يدلّ على ذلك وضعا.
مثال الثانية : أن يقول : ( أكرم العالم ) ، فإنّها وإن كانت في صياغتها الإنشائيّة قضيّة