ما هو ثابت للموضوع الخارجي من خصوصيّات كالإحراق بالنسبة إلى النار.
قبل الدخول في هذا التحليل العقلي لا بدّ من الإشارة إلى أمرين :
الأوّل : لدينا ثلاثة وجودات للنار وهي :
١ ـ النار بما هي مفهوم كلّي مجرّد من أي قيد وخصوصيّة ، أي ماهيّة النار بما هي هي.
٢ ـ النار بما هي صورة ذهنيّة أي بما هي موجودة في الذهن بحيث أخذ الوجود الذهني قيدا لها.
٣ ـ النار بما هي موجود خارجي أي بما هي موجودة في عالم الخارج والواقع التكويني بحيث أخذ الوجود الخارجي قيدا لها.
الثاني : أنّ النظر التصوّري والحمل الأوّلي المقابل للنظر التصديقي والحمل الشائع له عدّة معان هي :
١ ـ النظرة الساذجة البدويّة ، وفي مقابلها النظرة الفاحصة التدقيقيّة.
٢ ـ حمل الشيء على نفسه أوّلا وبالذات ، وفي مقابله حمل الشيء على غيره ثانيا وبالعرض.
٣ ـ الاختلاف بالاعتبار والاتّحاد بالمفهوم ، وفي مقابله الاختلاف بالمفهوم والاتّحاد بالمصداق.
٤ ـ تجريد الشيء من الوجود مطلقا سواء الذهني أو الخارجي ، وفي مقابله تقييد الشيء بالوجود الخارجي أو الذهني.
وحينئذ نقول : إنّ الصورة الذهنيّة للنار مباينة للموضوع الخارجي للنار بالحمل الشائع والنظر التصديقي ؛ وذلك لأنّ النار الذهنيّة ليس فيها شيء من الآثار والخصوصيّات الثابتة للنار الموجودة في الخارج من الحرارة والإحراق.
ولكن هذه الصورة الذهنيّة للنار عين النار بما هي هي المجرّدة عن أي قيد وخصوصيّة أي بالحمل الأوّلي والنظر التصوّري ؛ وذلك لأنّ الصورة الذهنيّة للنار ليس فيها شيء من الآثار والخصوصيّات ، والنار التي هي مفهوم كلّي أي الماهيّة المجرّدة ليس فيها شيء من الآثار والخصوصيّات أيضا ، فكانت هذه عين ذلك.
وبتعبير آخر : إنّنا إذا تصوّرنا النار نرى أنّه يوجد في تصوّرنا نار ، ولكن هذه النار