الشرعي فلا يكون الحكم الشرعي محرزا بها. وعلى هذا فينبغي إخراجها عن علم الأصول ؛ لأنّ التعريف غير منطبق عليها ، إلا أنّها بلا شكّ من جملة القواعد الأصوليّة ، وهذا يعني أنّ التعريف غير جامع ؛ لأنّه أخرج من العلم ما كان داخلا فيه.
ومراده من الأدلّة العمليّة تلك القواعد التي تحدّد الموقف العملي اتّجاه الحكم الشرعي المشكوك والمجهول.
ومراده من الأدلّة المحرزة هي القواعد التي توصل وتكشف عن الحكم الشرعي ، فهذه تحدّد الوظيفة والموقف العملي أيضا إلا أنّها تحدّده وفقا للحكم الشرعي ، بينما تلك تحدّد الموقف العملي على أساس طبيعة الشيء المشكوك مع ظرف الشكّ إمّا بنحو الاجتماع أو كلّ واحد على حدة.
وثالثا بأنّه يعمّ المسائل اللغويّة كظهور كلمة ( الصعيد ) مثلا ؛ لدخولها في استنباط الحكم.
الملاحظة الثالثة : هي شمول هذا التعريف لمثل مسائل اللغة مع أنّها ليست من علم الأصول ، بل ولا علم الفقه أيضا وإنّما هي من مختصّات علوم العربيّة ، ومع ذلك فهذا التعريف ينطبق على بعضها كظهور كلمة الصعيد ونحوها ، فإنّ الفقيه يحتاج إلى تنقيح (١) ظهورها في مرحلة متقدّمة بحيث تكون ممهّدة لاستنباط الحكم الشرعي ، فلا بدّ له من البحث عن تحديد مدلولها بنفسه أو الرجوع فيها إلى أهل اللغة ، وهذا يجعلها من القواعد التي مهّدت للاستنباط ووقعت في طريق الوصول إلى الحكم الشرعي. وكذلك الحال بالنسبة لمسائل علم الرجال ، فإنّ الفقيه يحتاج إلى البحث فيها حول التعديل والتوثيق والتضعيف والجرح. وهذان الأمران يجعلان التعريف منطبقا على ما هو خارج عن العلم ؛ لأنّه من الواضح أنّ بحوث اللغة وكذا بحوث علم الرجال علمان مستقلاّن عن الأصول ، بل والفقه وإن احتاج الفقيه إليهما في استنباطه. وهذا يعني أنّ التعريف يشمل الأغيار فهو غير مانع أيضا.
أمّا الملاحظة الأولى فتندفع بأنّ المراد بالحكم الشرعي الذي جاء في التعريف :
__________________
(١) فيبحث في أنّ المدلول لهذه الكلمة ما هو؟ وهذا البحث صغرى لكبرى في مسائل اللغة هي البحث عن ظواهر الألفاظ ، أو البحث عن مدلولات الألفاظ ، فهذه قاعدة كليّة احتاج إليها الفقيه في استنباطه.