حجّيّة القطع غير المصيب وحكم التجرّي
هناك معنيان للإصابة :
أحدهما : إصابة القطع للواقع ، بمعنى كون المقطوع به ثابتا.
والآخر : إصابة القاطع في قطعه ، بمعنى أنّه كان يواجه مبرّرات موضوعيّة لهذا القطع ولم يكن متأثّرا بحالة نفسيّة ، ونحو ذلك من العوامل.
هنا سؤال وهو : هل أنّ القطع غير المصيب حجّة أو ليس حجّة؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال لا بدّ من معرفة المراد من الإصابة المأخوذة في السؤال ، فإنّ الإصابة على نحوين :
الأوّل : الإصابة بمعنى مطابقة القطع للواقع ، أي أنّ قطعه كان صحيحا ومصيبا للواقع ، وهذا لازمه أنّ ما تعلّق به القطع وهو المقطوع ثابت في الواقع أيضا. فالقطع المصيب هو الذي طابق الواقع ، والقطع غير المصيب هو القطع الذي يخالف ما هو ثابت واقعا. فمثلا إذا قطع المكلّف بالوجوب وكان الوجوب ثابتا في الواقع فيقال : إنّ قطعه مصيب ، وإن لم يكن هناك وجوب في الواقع فيقال : إنّ قطعه غير مصيب بل مخطئ.
الثاني : الإصابة بمعنى موافقة القطع للمبرّرات الموضوعيّة والمنطقيّة ، فإذا كان القاطع قد حصل له القطع استنادا إلى القوانين والضوابط الصحيحة المعتمد عليها في حصول القطع فيكون قطعه مصيبا ، أي أنّ قطعه صحيح من وجهة منطقيّة وموضوعيّة ، سواء كان مصيبا للواقع أم لا ، وفي مقابلة القطع الذي لا ينشأ من مبرّرات موضوعيّة وضوابط صحيحة ، بل كان ناشئا نتيجة لتأثّر القاطع ببعض العوامل النفسيّة والذاتيّة والظروف الخاصّة به بحيث أثّرت عليه في حصول القطع.
وقد يتحقّق المعنى الأوّل من الإصابة دون الثاني ، فلو أنّ مكلّفا قطع بوفاة