تأسيس الأصل عند الشكّ في الحجّيّة
الدليل إذا كان قطعيّا فهو حجّة على أساس حجّيّة القطع ، وإذا لم يكن كذلك فإن قام دليل قطعي على حجّيّته أخذ به ، وأمّا إذا لم يكن قطعيّا وشكّ في جعل الحجّيّة له شرعا مع عدم قيام الدليل على ذلك فالأصل فيه عدم الحجيّة.
الدليل سواء كان عقليّا أو شرعيّا إن كان قطعيّا فهو حجّة أي منجّز ومعذّر ؛ وذلك لأنّ القطع كما تقدّم حجّة سواء في ذلك القطع الموضوعي أو القطع الذاتي. وإن لم يكن قطعيّا بأن كان ظنيّا فهنا إن قام دليل قطعي على حجّيّته أخذ به على أساس حجّيّة ذلك الدليل القطعي كخبر الثقة مثلا ، وإن قام دليل قطعي على عدم حجّيّته أخذ به أيضا كما في القياس. وهذا المقدار ثابت لا إشكال فيه.
وأمّا إذا لم يكن قطعيّا ولم يقم دليل قطعي على حجيّته أو على عدم حجيّته فهنا الأصل فيه يقتضي عدم الحجّيّة ، كما إذا أخبر الصبي المميّز بحكم شرعي ولا ندري هل الشارع جعل الحجّيّة لخبره أم لا؟.
ونعني بهذا الأصل : أنّ احتمال الحجّيّة ليس له أثر عملي ، وأنّ كلّ ما كان مرجعا لتحديد الموقف بقطع النظر عن هذا الاحتمال يظلّ هو المرجع معه أيضا.
المقصود من قولنا : ( الأصل عدم الحجّيّة ) : هو أنّ القاعدة الأوليّة التي كانت جارية في هذا المورد تظلّ حجّة فيه ، بمعنى أنّ هذه الحجّيّة المشكوكة لا تؤثّر في رفع اليد عمّا كان ثابتا قبلها ، فالمكلّف يتعامل في هذا المورد وكأنّ هذه الحجّيّة المشكوكة ليست موجودة أصلا ، فكما أنّه قبل مجيئها كان يعتمد على ما هو حجّة شرعا في هذا المورد يظلّ أيضا بعد مجيئها يعتمد عليه ، فما كان مرجعا بقطع النظر عنها يظلّ هو المرجع معها ، فالموقف العملي لا يتغيّر عمّا كان عليه.
ولتوضيح ذلك نطبّق هذه الفكرة على خبر محتمل الحجّيّة يدلّ على وجوب