بالعلم في الخارج ، فإذا شككنا في أنّ زيدا هل هو عالم أو لا فلا يمكننا أن نتمسّك بالإطلاق لإثبات وجوب إكرامه ؛ لأنّ إطلاق الحكم لا يثبت موضوعه ، بل ينصبّ على موضوعه الثابت من قبل.
وهنا من هذا القبيل فإنّ هذه الأمارة المشكوكة لا يعلم ولا يحرز كونها موضوعا لإطلاق النهي ، فلا يمكن لهذا الإطلاق أن يثبت كونها موضوعا له ؛ لأنّ الحكم لا يثبت موضوعه ولا يثبت مصداق موضوعه أيضا.
والنتيجة : أنّ هذا الإطلاق ليس شاملا للمورد ، أو على الأقلّ لا يحرز شموله للمورد فيكون الأمر مجملا.
وجواب هذا الاعتراض : أنّ النهي عن العمل بالظنّ ليس نهيا تحريميّا ، وإنّما هو إرشاد إلى عدم حجّيّته ؛ إذ من الواضح أنّ العمل بالظنّ ليس من المحرّمات النفسيّة ، وإنّما محذوره التورّط في مخالفة الواقع فيكون مفاده عدم الحجّيّة.
والجواب على اعتراض الميرزا يتألّف من مقدّمتين :
المقدّمة الأولى : أنّ هذا الاعتراض مبنيّ على أنّ النهي الوارد في الآيات يفيد الحرمة النفسيّة ، فالعمل بالظنّ محرّم نفسيّا ، وكذلك اتّباع ما ليس بعلم ؛ وهذا معناه أنّ كلّ ظنّ وما ليس بعلم فهو محرّم اتّباعه والعمل به لنفسه ، وهذا يفترض مسبقا أنّ الظنّ ليس حجّة وليس معتبرا شرعا ، ثمّ بعد ذلك وفي رتبة ثانية طوليّة ينهى عن العمل به ويحرّم اتّباعه ، فالنهي والتحريم كان في طول نفي الحجّيّة عن الظنّ. ولذلك فإذا قام دليل قطعي على جعل الحجّيّة للظنّ فهو يكون حاكما على إطلاق النهي ومخصّصا ومقيّدا لهذا الإطلاق ؛ لأنّ الحكومة كالتخصيص إلا أنّها بلسان رفع الموضوع ادّعاء وتعبّدا. وأمّا إذا شكّ في الدليل على الحجّيّة لأمارة ما وظنّ معيّن فيكون شكّا في كونه علما وحجّة أو ليس بعلم وحجّة. وعليه ، فلا يمكن التمسّك بإطلاق النهي في هذا المصداق ؛ لأنّه يكون من التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة وهو ممنوع ؛ لأنّ العامّ والمطلق لا يثبت مصداقه.
إلا أنّ هذا المبنى غير صحيح ؛ لأنّ النهي الوارد في الآيات ليس نهيا وتحريما نفسيّا للظنّ وما ليس بعلم ؛ إذ من الواضح أنّه لا مفسدة في العمل بالظنّ واتّباع ما ليس بعلم في الأمور الشرعيّة ؛ لأنّ العقلاء يبنون على الظنّ في معاملاتهم الشخصيّة