الأوّل : بحث نظري في تصوير قيامه مقام القطع الطريقي مع الاتّفاق عمليّا على قيامه مقامه في المنجّزيّة والمعذّريّة.
والثاني : بحث واقعي في أنّ دليل حجّيّة الأمارة هل يستفاد منه قيامها مقام القطع الموضوعي أو لا؟
وأمّا إذا كان الدليل ظنّيّا ولكن كان حجّة بحكم الشارع كالأمارات ـ التي هي أدلّة ظنّيّة كخبر الثقة والبيّنة واليد وحكم الحاكم إلا أنّ الشارع جعل الحجّيّة لها ـ فالبحث فيها يقع في مقامين :
الأوّل : بحث نظري في تحليل قيام الأمارات مقام القطع الطريقي بعد الاتّفاق عمليّا على قيامها مقام القطع الطريقي في المنجّزيّة والمعذّريّة ، بمعنى أنّه يوجد دليل إثباتي على قيام الأمارات مقام القطع الطريقي ، فهي مثله في كونها طريقا إلى الحكم وكاشفا عنه ؛ لأنّها وإن كانت كشفا ظنّيّا إلا أنّ الشارع قد جعلها حجّة فالغاية من جعل الحجّيّة لها قيامها مقام القطع الطريقي ، فهي منجّزة ومعذّرة في كونها طريقا وكاشفا عن الحكم وإلا لم يكن لجعل الحجّيّة لها أية فائدة وأثر ، إلا أنّه يبحث ثبوتا وتحليلا في كيفيّة قيامها مقام القطع الطريقي ، فهذا بحث نظري تحليلي. وهذا البحث النظري الثبوتي يراد به دفع ما يتوهّم أو يشكل على قيامها مقامه كما سيأتي.
الثاني : بحث واقعي أي أنّه بحث على مستوى الثبوت والإثبات معا في أنّ الأمارات هل يمكن أن يستفاد من دليل حجّيّتها كونها تقوم مقام القطع الموضوعي أيضا أو لا يمكن ذلك؟ ثمّ بعد وجود هذا الدليل يمكن البحث عن كيفيّة تصوير قيامها مقامه ، وأمّا إذا لم يكن هناك دليل على قيامها مقامه فلا معنى للبحث التحليلي النظري ؛ إذ لا فائدة منه.
أمّا البحث الأوّل : فقد يستشكل تارة في إمكان قيام غير القطع مقام القطع في المنجّزيّة والمعذّريّة ، بدعوى أنّه على خلاف قاعدة قبح العقاب بلا بيان. ويستشكل أخرى في كيفيّة صياغة ذلك تشريعا ، وما هو الحكم الذي يحقّق ذلك؟
البحث الأوّل : في تصوير قيام الأمارات مقام القطع الطريقي ، والداعي إلى هذا البحث النظري هو الجواب عن الإشكالين التاليين :