والأصحّ في التعريف أن يقال : ( علم الأصول هو العلم بالعناصر المشتركة لاستنباط جعل شرعي ). وعلى هذا الأساس تخرج المسألة اللغويّة كظهور كلمة الصعيد ؛ لأنّها لا تشترك إلا في استنباط حال الحكم المتعلّق بهذه المادّة فقط ، فلا تعتبر عنصرا مشتركا.
هذا هو التعريف الصحيح بنظر السيّد الشهيد والذي على أساسه سوف تحلّ كلّ الملاحظات والإيرادات السابقة ؛ وذلك لأنّ الأصول العمليّة تشكّل عنصرا مشتركا في عمليّة الاستنباط تجري في مختلف الأبواب الفقهيّة ، ويستنتج منها جعل شرعي كلّي. وأمّا القواعد الفقهيّة فهي لا تدخل في التعريف ؛ لأنّها ليست عناصر مشتركة في عمليّة الاستنباط ، وإنّما هي عناصر خاصّة ؛ لأنّ الفقيه يستخدمها في بعض الأبواب الفقهيّة ، وفي بعض الشبهات لا جميع الأبواب ولا جميع الشبهات. نعم بعض هذه القواعد الفقهيّة يستنبط منها جعل كلّي شرعي كما تقدّم ، كقاعدة الطهارة أو الحليّة إلا أنّها مختصّة ببعض الشبهات لا جميعها ؛ لأنّها لا تجري في الشبهات الحكميّة ، وكقاعدة الفراغ وأصالة الصحّة فهي وإن كانت تشكّل عنصرا مشتركا إلا أنّها أيضا مختصّة ببعض الشبهات وبعض الأبواب لا جميعها. وأمّا المسائل اللغويّة كظهور كلمة الصعيد وبعض المسائل الرجاليّة فهي عناصر خاصّة وليست عناصر مشتركة ؛ لاختصاصها ببعض الموارد والحالات والأبواب الفقهيّة. فهذا التعريف لا يرد عليه شيء من الإشكالات ، مضافا إلى أنّه يعطي الضابطة العامّة لمعرفة القاعدة الأصوليّة ويميّزها عن غيرها ، وهي القاعدة التي تعتبر عنصرا مشتركا يجري في مختلف الأبواب الفقهيّة بحيث يستنبط منها جعل شرعي كلّي. فهو تعريف جامع ومانع ، بخلاف غيره من التعاريف فإنّها لا تخلو من الإشكال إمّا بعدم الطرد وإمّا بعدم العكس.