وثانيا : أنّ ظهور صيغة الأمر في الوجوب وأىّ ظهور آخر بحاجة إلى ضمّ قاعدة حجيّة الظهور ، وهي أصوليّة ؛ لأنّ مجرّد عدم الخلاف فيها لا يخرجها عن كونها أصوليّة ؛ لأنّ المسألة لا تكتسب أصوليّتها من الخلاف فيها ، وإنّما الخلاف ينصبّ على المسألة الأصوليّة. وهكذا يتّضح أنّ الملاحظة الثالثة واردة على تعريف المشهور.
الإيراد الثاني على ما ذكره السيّد الخوئي هو : أنّ احتياج ظهور صيغة الأمر في الوجوب وغيرها من الظهورات كظهور أدوات العموم والمفاهيم إلى حجيّة الظهور ، والتي هي من القواعد الأصوليّة يعني أنّ عدم الاحتياج الذي ورد في التعريف غير تامّ كما تقدّم في الإيراد الأوّل ، ومجرّد كون حجيّة الظهور من القواعد المتسالم والمتّفق عليها عند العقلاء لا يخرجها من كونها أصوليّة ؛ لأنّ المسألة الأصوليّة لا تكتسب أصوليّتها من وجود الخلاف فيها ؛ ليكون عدم الخلاف مخرجا لها من كونها أصوليّة. وليس هذا يعدو سوى مجرّد دعوى لا دليل عليها ، بل يلزم على هذا خروج كثير من القواعد الأصوليّة ؛ لعدم وجود الخلاف فيها ، ويلزم دخول القواعد غير الأصوليّة ؛ بسبب وجود الخلاف فيها أيضا ، وكلاهما باطل. وإنّما الصحيح أنّ القاعدة تكون أصوليّة في مرحلة سابقة ، ثمّ يطرأ عليها الخلاف والبحث ، بمعنى أنّ الخلاف عارض على المسألة الأصوليّة ، فيلزم أوّلا تنقيح المسألة الأصوليّة عن غيرها ليعرض الخلاف والبحث عليها ثانيا ، فما ذكر من ادّعاء غير تامّ.
وبتعبير آخر : إنّ الخلاف من الأحكام الموجبة العارضة على المسألة الأصوليّة ، والأحكام الموجبة تستدعي ثبوت الموضوع أوّلا ، فيلزم أن تكون أصوليّة المسألة متحقّقة في مرحلة متقدّمة على طروّ الخلاف عليها ، ممّا يعني أنّ الخلاف في المسألة لا ربط له في تحديد أصوليّة المسألة ؛ إذ لو كان شرطا فيها لكان دخيلا في الموضوع أيضا فيصبح الحكم محقّقا لموضوعه ، وهو باطل. نعم الخلاف في المسألة يكشف عن كون المسألة المختلف فيها أصوليّة إلا أنّ هذا لا يعني أنّه هو الذي أكسبها هذه الصفة وجعل لها هذا العنوان.
وهكذا تبيّن أنّ الملاحظة الثالثة واردة على تعريف المشهور بكلّ صيغه وإضافاته وقيوده.