المعاني الحرفيّة
المعنى الحرفي مصطلح أصولي تقدّم توضيحه في الحلقة السابقة (١) ، وقد وقع البحث في تحديد المعاني الحرفيّة ، إذ لوحظ منذ البدء أنّ الحرف يختلف عن الاسم المناظر له كما مرّ بنا سابقا ، ففي تخريج ذلك وتحديد المعنى الحرفي وجد اتّجاهان :
المعنى الحرفي مصطلح أصولي يقابل المعنى الاسمي : وهو عبارة عن المعنى الرابط بين شيئين ، بحيث لو فصل عنهما لم يفهم له معنى محدّد. فحقيقته الربط ، ولذا لا يمكن تصوّره مستقلاّ بخلاف المعنى الاسمي. ولذلك كان المعنى الحرفي إيجاديّا ، بمعنى أنّه يوجد معنى في الكلام لم يكن موجودا بخلاف المعنى الاسمي فإنّه إخطاريّ ، أي يعبّر عن المعنى الموجود ويكشف ويحكي عنه فالمعنى موجود قبله.
وهنا يقع البحث في تحديد المعاني الحرفيّة وكيفيّة اختلافها عن المعاني الاسميّة ، وهل أنّ الفارق بينهما جوهري أو عرضي؟
والوجه في نشوء هذا البحث أنّه لوحظ أنّ المعنى الحرفي يختلف عن المعنى الاسمي الموازي له ، فكلمة ( من ) وكلمة ( الابتداء ) الدالاّن على مفهوم الابتداء يختلفان عن بعضهما ، بحيث لا يصحّ استعمال أحدهما مكان الآخر ، إذ لا يمكن وضع كلمة ( الابتداء ) بين طرفين كما توضع كلمة ( من ). وهذا البحث بحث تحليلي تولاّه علم الأصول لارتباطه بعمليّة الاستنباط ؛ لأنّ هذه المعاني تشكّل عناصر مشتركة في عمليّة الاستنباط ويتأثّر الاستنباط بها تأثّرا ملحوظا.
ومن هنا وجدت عدّة تخريجات لبيان وتحديد المعاني الحرفيّة وإبراز الفارق
__________________
(١) ضمن التمهيد لبحث الدليل الشرعي اللفظي ، تحت عنوان : تصنيف اللغة.