الجملة الخبريّة والإنشائيّة
وتنقسم الجملة التامّة إلى خبريّة وإنشائيّة ، ولا شكّ في اختلاف إحداهما عن الأخرى حتّى مع اتّحاد لفظيهما كما في ( بعت ) الخبريّة و ( بعت ) الإنشائيّة ، فضلا عن ( أعاد ) و ( أعد ) ، وقد وجدت عدّة اتّجاهات في تفسير هذا الاختلاف :
تنقسم الجملة التامّة التي يصحّ السكوت عليها والتي قلنا : إنّها موضوعة لنسبة تامّة بالدلالة التصوّريّة إلى قسمين هما :
الجملة التامّة الخبريّة كقولنا : ( زيد قائم ) ، والجملة التامّة الإنشائيّة كقولنا : ( لا تضرب ).
ولا شكّ في اختلاف الجملتين ، فإنّ الجملة الخبريّة تفيد قصد الحكاية والإخبار عن الواقع ، ولذلك تتّصف بالصدق أو الكذب. بينما الجملة الإنشائيّة تفيد طلب الوقوع أو عدمه ، أو جعل الحكم كالوجوب والحرمة على ذمّة المكلّف ، ولذلك لا تتّصف بالصدق أو الكذب.
وهذا الاختلاف بين الجملتين موجود حتى فيما إذا كانت الجملتان متّحدتين لفظا فضلا عمّا إذا كانتا مختلفتين صياغة.
فقولنا : ( بعت الكتاب بدرهم ) إخبارا عن وقوع البيع البارحة يختلف عن قولنا : ( بعت الكتاب بدرهم ) إنشاء لعقد البيع الآن ، مع أنّ اللفظ واحد والهيئة التركيبيّة واحدة ؛ تماما كالاختلاف بين قولنا : ( أعد الصلاة ) إنشاء لوجوب الإعادة وبين قولنا : ( أعاد زيد صلاته ) إخبارا عن تحقّق الإعادة منه سابقا ، فإنّ الوجدان شاهد على وجود الاختلاف والفرق بين الجملتين الإنشائيّة والإخباريّة في كلّ الموارد.
ولأجل بيان هذا الاختلاف وجدت عدّة اتّجاهات أهمّها ثلاثة :
الأوّل : ما تقدّم في الحلقة الأولى (١) عن صاحب ( الكفاية ) وغيره ، من وحدة
__________________
(١) ضمن تمهيد بحث الدلالة ، تحت عنوان : الجملة الخبريّة والجملة الإنشائيّة.