الطلب من المولى ولم يقترن بالترخيص وجواز المخالفة ـ أنّه غير تامّ في تمام الموارد ، ويكفي في إبطال الموجبة الكلّيّة أن يكون هناك سالبة جزئيّة.
وهنا يوجد بعض الموارد لا يتمّ فيها ما ذكر ، وذلك فيما إذا صدر طلب من المولى ولم يقترن بالترخيص وجواز المخالفة ، ولكنّنا نفرض أنّ المكلّف قد اطّلع على الملاك والمبادئ التي نشأ منها هذا الطلب ، بناء على أنّ الأحكام والتكاليف تابعة للملاك والمبادئ الواقعيّة.
فهنا إذا اطّلع المكلّف على هذا الملاك فوجده ملاكا غير لزومي بمعنى أنّ المكلّف علم بعد اطّلاعه على الملاك أنّ المولى لا يهتمّ كثيرا بتحقّق طلبه في الخارج ، بل يرضى بتفويته ولا يؤذيه فوات طلبه وعدم تحقّقه ؛ لأنّ ملاكه لم يكن ذا مصلحة ملزمة وشوق أكيد ، بل كان ممّا يحسن فعله ولكن لا يضرّ تركه. فلو فرضنا ذلك فهل يحكم العقل هنا بلزوم الانبعاث ووجوب التحرّك وحرمة المخالفة والترك أيضا؟!
من الواضح أنّ العقل لا يحكم بذلك ؛ لأنّ العقل إنّما يحكم بالوجوب والانبعاث وحرمة المخالفة ولزوم الامتثال رعاية لحقّ المولى ، والمفروض أنّ المولى يرضى بتفويت حقّه هنا ؛ لأنّ المكلّف اطّلع على أنّ الملاك والمبادئ ليست بدرجة من الأهمّيّة ، بل المولى يرضى بفواتها ولا يؤذيه ذلك.
وحينئذ نقول : إنّ المفروض هنا أنّ العقل يحكم بالانبعاث والوجوب بناء على ما ذكره الميرزا من القاعدة الكليّة ؛ لأنّ هذا الطلب صادر من المولى ولم يقترن بما يدلّ على الترخيص وجواز المخالفة ، مع أنّنا وجدنا أنّ العقل لم يحكم بذلك لاطّلاع المكلّف على الملاك ، والذي هو سنخ ملاك لا يؤذي المولى فواته ومخالفته ، فكيف يحكم العقل بالوجوب والحال هذه؟! بل الميرزا وغيره لا يقولون بالوجوب هنا.
ومثال ذلك : لو فرضنا أنّ المولى قد أمر عبده بأن يأتيه بالماء ليشربه ولم يقترن هذا الطلب بترخيص وإذن في المخالفة ، غير أنّ العبد علم أنّ المولى بعد ذلك قد شرب الماء وارتوى من عطشه ، فهل يحكم العقل عليه بوجوب الإتيان بالماء أيضا مع انتفاء الملاك الداعي للطلب؟!
فالوجوب العقلي فرع مرتبة معيّنة في ملاك الطلب ، وهذه المرتبة لا كاشف