وإنّما يفهمون من أوامر الطبيب أنّ هذا الدواء فيه نفع وشفاء للمريض ، وهذا معناه أنّه يرشد إلى المنفعة الموجودة في استعمال الدواء ، وأنّه يسبّب الشفاء من المرض.
وفي كلّ هذه الحالات تحتفظ صيغة الأمر بمدلولها التصوّري الوضعي ، وهو النسبة الإرساليّة ، غير أنّ مدلولها التصديقي الجدّي يختلف من مورد إلى آخر.
وفي هذه الحالات التي يكون الأمر فيها للإرشاد لا يعني ذلك أنّ صيغة الأمر موضوعة لمعنى آخر غير المعنى الموضوع له في الأوامر التي تفيد الطلب والوجوب ، بل الصيغة مستعملة وموضوعة في معناها التصوّري الوضعي السابق وهو النسبة الإرساليّة.
فالمدلول التصوّري الوضعي محفوظ في الصيغة ، غاية الأمر أنّ المدلول التصديقي الجدّي يختلف من مورد لآخر ، ففي هذه الحالات يكون المدلول التصديقي مخالفا للمدلول التصوّري ؛ لأنّ المراد الجدّي ليس هو الطلب والإرسال والوجوب ، بل الإرشاد.
بينما في حالات الأمر المفيد للطلب والوجوب يكون المدلول التصديقي الجدّي مطابقا للمدلول التصوّري الوضعي. فإذا كانت هناك قرينة ولو لبيّة على أنّ المراد الجدّي ليس هو الطلب والوجوب فيؤخذ بها ، وإن لم تكن هناك قرينة من هذا القبيل فمقتضى أصالة التطابق بين الدلالات كون المراد الجدّي هو الوجوب والطلب أيضا.
وهذا من قبيل المجازات ( اذهب إلى البحر وخذ من علمه ) فإنّ المدلول الوضعي التصوّري للبحر محفوظ ، إلا أنّه ليس مرادا جدّا لوجود هذه القرينة بخلاف ( اذهب إلى البحر ) ، فإنّ المراد الجدّي هو المعنى الوضعي التصوّري لأصالة التطابق بين الدلالات.
القسم الثاني : ونقصد به الجملة الخبريّة المستعملة في مقام الطلب. والكلام حولها يقع في مرحلتين :
القسم الثاني : ما يدلّ على الطلب بإعمال عناية في المقام سواء كانت لفظيّة أو حاليّة أو مقاميّة ، وذلك كالجمل الخبريّة التي تستعمل في إفادة الطلب ، سواء كان جملة اسميّة أو كانت جملة فعليّة. كما إذا قيل : ( إذا قهقه أعاد صلاته ) ، فإنّ استعمال الجمل الفعليّة كثير جدّا من قبيل ( يغتسل ) ( يعيد ) ( يصلي ) ( يصوم ).