الطلب الوجوبي ، وأمّا الطلب الاستحبابي فلا ملازمة بينه وبين النسبة الصدوريّة أو هناك ملازمة بدرجة أضعف.
وأمّا على الوجه الثاني في تفسير دلالة الجملة الخبريّة على الطلب ، وأنّه على نحو الكناية أي الإخبار عن اللازم وإرادة الملزوم ، فالجملة أيضا تدلّ على الوجوب ؛ وذلك لأنّ العناية الكنائيّة بين الأخبار عن النسبة الصدوريّة وبين إرادة طلب إيقاع النسبة إنّما تفيد الملازمة بينهما فيما إذا كانت هذه الملازمة المصحّحة للاستعمال الكنائي متحقّقة وموجودة حتما.
وبتعبير آخر : إنّ الكناية تحتاج إلى عناية ، وهذه العناية هي التي تصحّح الاستعمال الكنائي ، والعناية بين الإخبار عن اللازم وإرادة الملزوم إنّما هي وجود ملازمة بينهما. وهذه الملازمة لا بدّ أن تكون موجودة ومتحقّقة فعلا ؛ لأنّها إذا لم تكن موجودة فهذا معناه أنّه لا ملازمة فلا يصحّ الاستعمال الكنائي لعدم وجود العناية عندئذ.
وفي مقامنا العناية هي الإخبار عن اللازم وإرادة الملزوم ، والملازمة المصحّحة لهذه العناية هي أنّ الإخبار عن النسبة الصدوريّة وإرادة طلب إيجاد النسبة وإيقاعها إنّما تتحقّق فيما إذا كان طلب الإيجاد للنسبة محقّقا لصدور النسبة بالفعل وحتما ، وهذا الطلب الذي يفيد لزوم وحتميّة إيقاع النسبة وإيجادها إنّما هو الطلب الوجوبي ؛ لأنّ الوجوب طلب ناشئ من داع لزومي وليس فيه ترخيص في الترك.
بخلاف الطلب الاستحبابي فإنّه لا يستلزم قطعا تحقّق النسبة الصدوريّة ؛ لأنّ الاستحباب طلب مع الترخيص في الترك ، أي أنّه يسمح للمكلّف أن لا يحقّق النسبة ، ولذلك لا يكون هناك ملازمة بين الطلب الاستحبابي وبين موضوع النسبة وتحقّقها ، فلا تتمّ العناية الكنائيّة.
أو على الأقلّ الطلب الاستحبابي يحتمل فيه تحقّق النسبة وصدورها فيما إذا فعل ، ويحتمل عدم تحقّقها فيما إذا لم يفعل. فالنسبة الصدوريّة موجودة ولكن بدرجة أضعف وأقل من وجودها في الطلب الوجوبي ، فيتعيّن بالإطلاق وقرينة الحكمة الملازمة الأقوى والأشدّ من الملازمة الأضعف ؛ لأنّها تحتاج إلى قيد وعناية زائدة في الاستعمال الكنائي.
وأمّا بناء على الالتزام بالتجوّز في مقام استعمال الجملة الخبريّة ـ كما هو