النهي أو أدوات الزجر
وكلّ ما قلناه في جانب مادّة الأمر وهيئته ، والجملة الخبريّة المستعملة في مقام الطلب ، يقال عن مادّة النهي وهيئته والنفي الخبري المستعمل في مقام النهي ، غير أنّ مفاد الأمر طلب الفعل ، ومفاد النهي الزجر عنه.
النهي تارة يكون بالمادّة كما إذا قال : ( أنهاك أن تفعل هذا الأمر الفلاني ).
وأخرى يكون بالصيغة والهيئة كما إذا قال : ( لا تسرق ) ( لا تشرب الخمر ).
وثالثة يكون بالجملة الخبرية المنفيّة كما إذا قال : ( المؤمن لا يسرق ولا يزني ).
أمّا مادّة النهي فهي كمادّة الأمر من حيث الدلالة على النهي بالمعنى الاسمي. فكما أنّ مادّة الأمر تدلّ على مفهوم الطلب بنحو المعنى الاسمي أي بما هو هو ، كذلك مادّة النهي تدلّ على مفهوم الزجر بنحو المعنى الاسمي أي بما هو هو.
وأمّا هيئة النهي فهي كهيئة الأمر من حيث الدلالة على الزجر وكونه تحريما. فكما أنّ هيئة الأمر تدلّ على الطلب أو النسبة الإرساليّة وعلى أنّه طلب وجوبي على اختلاف الأقوال في المسألة كما تقدّم ، فكذلك هيئة النهي تدلّ على الزجر أو النسبة الزجريّة وكونه زجرا تحريميّا وضعا أو بحكم العقل أو بالإطلاق.
وأمّا الجملة الخبريّة المستعملة في النهي فهي كالجملة الخبريّة المستعملة في الأمر ، فكما أنّ الجملة الخبريّة المستعملة في مقام الطلب والإنشاء وكونه طلبا وجوبيّا على ساس إحدى العنايات المتقدّمة ، فكذلك الجملة الخبريّة المنفيّة تدلّ على النهي والزجر وكونه زجرا تحريميّا بإحدى تلك العنايات المتقدّمة.
والحاصل : أنّ كلّ ما تقدّم في الأمر مادّة وصيغة وجملة خبريّة فهو يجري في النهي أيضا مادّة وصيغة وجملة خبريّة منفيّة ، غاية الأمر أنّ الأمر يدلّ على الطلب بينما النهي يدلّ على الزجر.