الأوّلي. وهذا المفهوم الجديد له قابليّة وصلاحيّة ذاتيّة للانطباق على كلّ أفراده ، كما هو الحال في المفهوم السابق. غاية الأمر أنّ المفهوم السابق كانت أفراده أوسع دائرة بينما المفهوم الجديد دائرة أفراده أضيق.
وفي كلا الحالين هناك صلاحيّة للمفهوم في كلّ منهما لأن ينطبق على كلّ الأفراد التي ينحفظ فيها المفهوم. فالمفهوم الأوّل ينطبق على كلّ الأفراد المتضمّنة لماهيّة ومفهوم الإنسان ، بينما المفهوم الجديد ينطبق على كلّ الأفراد المتضمّنة لماهيّة مفهوم الإنسان العالم. فلا اختلاف ولا فرق بينهما من حيث قابليّة كلّ منهما للانطباق على كلّ الأفراد ومن حيث كون هذه القابليّة لازمة لا تنفكّ عنه. غاية الأمر الفرق بينهما في أنّ هذه القابليّة الذاتيّة في الأوّل أوسع دائرة من جهة الأفراد بينما في الثاني أضيق دائرة من هذه الناحية.
وهكذا يتّضح أنّ الإطلاق يكفي فيه مجرّد عدم التقييد.
وهكذا يتّضح أنّ الإطلاق معناه الصلاحيّة والقابليّة للانطباق على كلّ الأفراد التي يحفظ فيها المفهوم. وهذا يكفي فيه مجرّد عدم التقييد ، ولا يحتاج إلى ملاحظة القيود ورفضها.
وبهذا الصدد يجب أن نميّز التقابل بين الإطلاق الثبوتي والتقييد المقابل له ـ وهذا ما كنّا نتحدّث عنه فعلا ـ عن التقابل بين الإطلاق الإثباتي ـ أي عدم ذكر القيد الكاشف عن الإطلاق بقرينة الحكمة ـ والتقييد المقابل له.
وحينئذ لا بدّ من التمييز بين نحوين من الإطلاق والتقييد :
الأوّل : الإطلاق والتقييد الثبوتيّان ، والمراد بهما هو أنّ الحاكم أو الواضع إمّا أن يلاحظ في قرارة نفسه الإطلاق أو يلاحظ التقييد ، أي أنّه إمّا أن يجعل الحكم أو اللفظ للصورة الذهنيّة المطلقة أو للصورة الذهنيّة المقيّدة.
وهذا ما كنّا نتحدّث عنه بالفعل وقلنا : إنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد هو تقابل النقيضين.
الثاني : الإطلاق والتقييد الإثباتيّان ، والمراد بهما مرحلة الدلالة والكاشفيّة عمّا هو موجود في ذهن الحاكم أو الواضع. فإنّ التقييد الإثباتي معناه ذكر القيد الكاشف عن التقييد الثبوتي ، والإطلاق معناه عدم ذكر القيد الكاشف عن الإطلاق الثبوتي.