الماهيّة المقيّدة لا المطلقة ؛ تطبيقا لقاعدة احترازيّة القيود في أنّ ( كلّ ما يقوله فهو يريده ) ، ولا تجري مقدّمات الحكمة لإثبات الإطلاق ونفي القيود ؛ لأنّ المفروض أنّه ذكر القيود في كلامه.
إلا أنّه وقع الإشكال والخلاف بينهم فيما إذا ورد المقيّد منفصلا ، كما إذا قيل : ( أكرم العالم ) ثمّ ورد ( أكرم العالم العادل ). فهل يكون المقيّد المنفصل كالمقيّد المتّصل رافعا لأصل الدلالة على الإطلاق ، بمعنى أنّه لا ينعقد ظهور في الإطلاق أصلا عند مجيء هذا المقيّد فيكون مجيئه كاشفا عن عدم وجود الإطلاق من أوّل الأمر على نحو الشرط المتأخّر ، بأن يكون الإطلاق وانعقاده مشروطا بأن لا يأتي قيد متّصل أو منفصل فيما بعد ، أو على نحو الشرط المقارن بأن يكون الإطلاق في كلّ زمان زمان مشروطا بأن لا يقترن بالمقيّد المتّصل أو المنفصل ، أو لا يكون المقيّد المنفصل رافعا للدلالة على الإطلاق في الكلام السابق؟
بمعنى أنّ الكلام السابق ينعقد له ظهور في الإطلاق ويستقرّ هذا المدلول والظهور إلى أن يأتي المقيّد المنفصل ، فحينئذ يقع التعارض بين هذا الإطلاق وبين التقييد الذي يدلّ على المقيّد المنفصل ، وحينئذ قد يقدّم هذا المقيّد المنفصل على الإطلاق ؛ لما تقدّم سابقا من أنّ الظهور الذي يعتمد عليه التقييد هو أصالة التطابق بين الدلالات إيجابا ، بينما الظهور الذي يعتمد عليه الإطلاق وقرينة الحكمة هو التطابق بين الدلالات سلبا ، والأوّل أقوى من الثاني ؛ لأنّه نصّ صريح فيعتبر قرينة لتفسير المراد من الإطلاق ويتقدّم عليه للقرينة النوعيّة العرفيّة.
ذهب المحقّق النائيني إلى الأوّل مشترطا في تماميّة الإطلاق وانعقاد مقدّمات الحكمة ألاّ يكون هناك قيد سواء متّصلا أو منفصلا. فالمقيّد المتّصل والمنفصل عنده يرفعان أصل الظهور من رأس.
بينما ذهب المشهور إلى الثاني حيث اشترطوا عدم المقيّد المتّصل في تماميّة الإطلاق ، وأمّا المنفصل فهو لا مدخليّة له في مقدّمات الحكمة وانعقاد الإطلاق ، بل يكون معارضا له.
والمنشأ لهذا الاختلاف هو :
ويتحدّد هذا البحث على ضوء معرفة أنّ ذلك الظهور الحالي الذي يشكّل