في ذهنه الفقير العادل فيكون كلام المتكلّم وإن كان مطلقا بظاهره لكنّه يصحّ إرادة التقييد ؛ لأنّ هذا القدر المتيقّن يمكن الاعتماد عليه لأجل إفهام المخاطب ، ولا يكون بذلك مخلاّ بقواعد اللغة والمحاورات العرفيّة ؛ لأنّ هذا القدر بيّن وجلي لدى السامع فيكون المتكلّم مبيّنا لتمام المراد للمخاطب.
وأمّا إن كانت مقدّمات الحكمة تعتمد على ظهور حال المتكلّم في أنّه في مقام بيان تمام مراده في كلامه بقطع النظر عن المخاطب ، بمعنى أنّ المتكلّم أراد أن يبيّن ما هو موضوع الحكم بتمامه بهذا الكلام الذي يذكره ، فهنا لا يكون القدر المتيقّن مانعا عن انعقاد الإطلاق ؛ لأنّ مقدّمات الحكمة تامّة ؛ وذلك لأنّه لم يذكر في كلامه ما يدلّ على التقييد. وهذا معناه تحقّق الصغرى لكبرى ؛ لأنّ كلّ ما لا يقوله فهو لا يريده فينتج أنّه لا يريد التقييد وإلا لكان ذكره ، فعدم ذكره يدلّ على عدم إرادته وأنّ الموضوع ليس مقيّدا.
فإذا استظهر الأوّل كان القدر المتيقّن مانعا من الإطلاق ، وإن لم يستظهر فيكون هناك تردّد وشكّ في أنّ المتكلّم هل هو في مقام بيان تمام مراده للمخاطب ، أو أنّه في مقام بيان تمام مراده في شخص كلامه؟
وحينئذ لا يمكن التمسّك بالإطلاق ومقدّمات الحكمة أيضا ؛ إذ لا يحرز أنّ المتكلّم كان تمام موضوعه ما ذكره هو ، بل يمكن أن يكون تمام موضوعه ما ذكره هو والسائل أيضا. وما دام هذا الاحتمال موجودا فلا يتعيّن الإطلاق دون التقييد ؛ لأنّه لو أراد التقييد لكان هذا القدر المتيقّن كافيا للاعتماد عليه ، فيتمّ الظهور الذي تعتمد عليه احترازيّة القيود من أنّ كلّ ما يقوله يريده ؛ لأنّ هذا القيد قد ذكر في الكلام واتّضح لدى المخاطب فالاعتماد عليه صحيح.
وما دام هناك شكّ وتردّد فلا يثبت الإطلاق ، وأمّا التقييد وكون وجوب الإكرام للفقير العادل فهو ممّا لا إشكال فيه ، سواء كان مريدا للتقيد أو للإطلاق فيؤخذ به. وأمّا الفقير غير العادل فهو مشكوك كونه موضوعا للحكم فلا يمكن الأخذ به ، والنتيجة هي نتيجة التقييد أيضا.
والجواب على ذلك : أنّ ظاهر حال المتكلّم كما عرفت في كبرى قرينة الحكمة أنّه في مقام بيان تمام الموضوع لحكمه الجدّي بالكلام ، فإذا كانت العدالة