على أحد أجزائها ، بل إنّه لا يمكن أن يتحقّق عنوان الجزئيّة للسورة ولو جعلت بالجعل الاستقلالي ؛ لأنّ كونها جزءا يعني تصوّرها منضمّة إلى الكلّ والمركّب وبدون وجود المركّب أصلا يستحيل انتزاع عنوان الجزئيّة منه.
وبكلمة أخرى : إنّ الجزئيّة للواجب من الأمور الانتزاعيّة الواقعيّة ، وإن كان وعاء واقعها هو عالم جعل الوجوب ، فلا فرق بينها وبين جزئيّة الجزء للمركّبات الخارجيّة من حيث كونها أمرا انتزاعيا واقعيّا ، وإن اختلفت الجزئيّتان في وعاء الواقع ومنشأ الانتزاع ، وما دامت الجزئيّة أمرا واقعيّا فلا يمكن إيجادها بالجعل التشريعي والاعتبار.
الدليل الثاني على أنّ مثل الجزئيّة والشرطيّة لا يمكن جعلها بالجعل الاستقلالي عن المركّب : هو ما ذكره من كون الجزئيّة من الأمور الانتزاعيّة الواقعيّة. وقبل بيان هذا الدليل لا بدّ من الإشارة إلى نكتة أساسيّة وهي :
المراد من الأمور الانتزاعيّة الواقعيّة هي التي لها تحقّق وراء جعلها فلها وجود حقيقي تبعا لوجود منشأ انتزاعها بحيث تترتّب عليها الآثار وهي على قسمين :
الأوّل : المركّبات الخارجيّة والتي يكون عالم الجزئيّة فيها عالم التحقّق الخارجي التكويني.
والثاني : المركّبات الشرعيّة والتي يكون عالم الجزئيّة فيها عالم الاعتبار والجعل ، والأمور الانتزاعيّة الواقعيّة في مقابل الأمور الاعتباريّة التي أمرها بيد المولى كالطهارة التي هي شرط في الصلاة.
وحينئذ نقول : إنّ الجزئيّة ما دامت من الأمور الانتزاعيّة الواقعيّة التي لها تحقّق وراء انتزاعها ـ عالم وعاء واقعها هو عالم الجعل والاعتبار للوجوب ـ فلها تحقّق في ذاك العالم في نفس المولى وجعله للأحكام. وهذا معناه أنّه لا فرق بين جزئيّة السورة في الواجب وبين جزئيّة الجزء كالغرفة مثلا في المركّبات الخارجيّة التكوينيّة ، فإنّ كلاّ منها يعتبر جزءا من الكلّ والمركّب ، ولا يمكن انتزاع عنوان الجزئيّة للسورة أو للغرفة بمعزل عن هذا المركّب ما دامت الجزئيّة من الأمور الواقعيّة الانتزاعيّة الذي يفترض وجود واقع تتحقّق فيه الجزئيّة ، نعم يختلف الأمر بين هاتين الجزئيّتين من جهة أخرى وهي وعاء الواقع ومنشأ الانتزاع ، حيث إنّ جزئيّة المركّبات الخارجيّة وعاء واقعها ومنشأ