المركّب من عدد من الأجزاء ومنها السورة ، فلو لا وجود الأمر بالمركّب لم يمكن أن يتحقّق عنوان الجزئيّة للسورة ؛ لأنّ الجزء لا يمكن أن يفترض أو يتصوّر إلا ضمن الكلّ والمركّب. وكذلك الحال في عنوان الشرطيّة ، فإنّه لا يتحقّق إلا بعد افتراض وجود الأمر المشروط كوجوب الصلاة المشروط بالزوال ، فانتزاع شرطيّة الزوال للصلاة لا يمكن فرضها وتصوّرها من دون افتراض الصلاة المشروطة بالزوال.
وهذا معناه أنّ مثل الجزئيّة والشرطيّة من الأحكام الوضعيّة أمور انتزاعية من الأمر بالمركّب والأمر بالمشروط ، وهذا معناه أنّ وجودهما في طول ذاك المركّب والمشروط ، ولا يعقل تصوّرهما بعنوانيهما بمعزل عن المركّب والمشروط.
وعلى هذا يقع البحث في أنّ المولى هل يمكنه أن يجعل هذين القسمين من الأحكام الوضعيّة بنحو الاستقلاليّة أو لا يمكنه؟ ولذلك قال السيّد الشهيد :
ولا ينبغي الشكّ في أنّ القسم الثاني ليس مجعولا للمولى بالاستقلال ، وانّما هو منتزع عن جعل الحكم التكليفي ؛ لأنّه مع جعل الأمر بالمركّب من السورة وغيرها يكفي هذا الأمر التكليفي في انتزاع عنوان الجزئيّة للواجب من السورة ، وبدونه لا يمكن أن تتحقّق الجزئيّة للواجب بمجرّد إنشائها وجعلها مستقلا.
لا شكّ في أنّ القسم الثاني من الأحكام الوضعيّة وهو ما كان منتزعا من الحكم التكليفي كالجزئيّة والشرطيّة لا يمكن جعله بالجعل الاستقلالي من المولى ، وإنّما هو منتزع من جعل الحكم التكليفي. فالمولى يجعل الحكم التكليفي بنحو الاستقلاليّة ثمّ بتبع ذلك ينتزع منه الحكم الوضعي كالجزئيّة والشرطيّة ولا يمكن جعله استقلالا ؛ لأنّ ذلك خلاف فرضها منتزعة إذ معنى انتزاعها وجود شيء متقدّم عليها في الوجود يكون له الجعل الاستقلالي.
والدليل على ذلك أوّلا : أنّه مع جعل الأمر بالمركّب كالصلاة المركّبة من السورة وغيرها من الأجزاء كان هذا الجعل وحده كافيا في انتزاع عنوان جزئيّة السورة للمركّب الواجب أي الصلاة ، ولا تحتاج إلى جعل مستقلّ لعنوان جزئيّة السورة ؛ لأنّه يكون لغوا أو تحصيلا للحاصل ، وبدون جعل الأمر بالمركّب أي إذا لم يجعل الشارع الصلاة واجبة أصلا فلا معنى لأن يكون هناك جعل استقلالي لجزئيّة السورة في الصلاة ؛ إذ ما دامت الصلاة غير موجودة أصلا فلا معنى لوجود وجعل عنوان الجزئيّة