الشرعيّة يصدرها الشارع ويجعلها من دون أن ينظر إلى تحقّق الموضوع في الخارج وعدمه ؛ لأنّه يجعلها على نهج القضيّة الحقيقيّة التي يكون الموضوع فيها مقدّرا ومفترضا ، سواء كان موجودا في الخارج فعلا أم لا ؛ لأنّه يكفي في صدق القضيّة الشرطيّة صدق طرفيها في عالم الذهن.
وعلى هذا فتكون الشموليّة وتكثّر الحكم في الإطلاق الشمولي ثابتة في مرتبة تختلف عن المرتبة التي هي مفاد الدليل الشرعي والخطاب المولوي ، فإنّ الخطاب مفاده ومدلوله إنّما هو عالم الجعل وفي هذا العالم الحكم والموضوع واحد ، بينما الشموليّة والتكثّر إنّما هي في عالم المجعول أي فعليّة الحكم التابعة لفعليّة الموضوع بعد تحقّق كلّ قيوده وشروطه.
ومن هنا صحّ القول بأنّ السريان بمعنى تعدّد الحكم وتكثّره الثابت بقرينة الحكمة ليس من شئون مدلول الكلام ، بل هو من شئون عالم التحليل والمجعول.
وحاصل الكلام : أنّ السريان والشموليّة التي تعني تكثّر الحكم وتعدّده بعد جريان قرينة الحكمة لإثبات أنّ الموضوع هو الطبيعة من دون قيد ، ليس من شئون مدلول الكلام ؛ لأنّ الكلام لا يدلّ على أكثر من ثبوت الحكم للموضوع ، والموضوع هو الطبيعة وهي واحدة ، فالحكم الثابت لها واحد أيضا.
إذا فلا شموليّة ولا تكثّر بلحاظ مدلول الكلام ومفاده ؛ لأنّ المدلول والمفاد ينظران إلى عالم الجعل والإنشاء والتشريع ، بل السريان والشمول والتكثّر في الحكم من شئون عالم المجعول ، أي فعليّة الموضوع وتحقّقه في الخارج المتوقّف على تحقّق الشروط والقيود المأخوذة في الموضوع. فكلّما تحقّق مصداق للموضوع ثبت له الحكم وهذا في عالم المجعول والفعليّة ، فهناك أحكام عديدة بالتحليل العقلي وإن كان مفاد الكلام حكما واحدا.
* * *