العموم بلحاظ الأجزاء والأفراد
يلاحظ أنّ كلمة ( كلّ ) مثلا ترد على النكرة فتدلّ على العموم والاستيعاب لأفراد هذه النكرة. وترد على المعرفة فتدلّ على العموم والاستيعاب أيضا ، لكنّه استيعاب لأجزاء مدلول تلك المعرفة لا لأفرادها.
ومن هنا اختلف قولنا : ( اقرأ كل كتاب ) عن قولنا : ( اقرأ كلّ الكتاب ).
العموم الأجزائي هو الاستيعاب والشمول لكلّ جزء من المدخول ، وهذا يكون في أدوات العموم الداخلة على المعرفة من قبيل ( اقرأ كلّ الكتاب ) ، فهنا تستوعب ( كلّ ) كلّ جزء من أجزاء الكتاب.
وأمّا العموم الأفرادي فهو الاستيعاب والشمول لكلّ فرد فرد من أفراد المدخول ، وهذا يكون في أدوات العموم الداخلة على النكرات من قبيل ( اقرأ كلّ كتاب ) ، فهنا تستوعب ( كلّ ) كلّ فرد من أفراد الكتاب.
وهذا شيء نحسّ به وجدانا وهو موافق لقول أهل اللغة العربيّة أيضا. ولذلك فلا شكّ في وجود صورتين ذهنيّتين من الاستيعاب تدلّ عليهما كلمة ( كلّ ) ونحوها. وهاتان الصورتان مختلفتان فيما بينهما ، فإنّ الصورة الذهنيّة التي تعطيها جملة ( اقرأ كلّ الكتاب ) تفيد أنّ هناك حكما واحدا على موضوع واحد ، فيكون له امتثال واحد وعصيان واحد أيضا ، بحيث إنّ الامتثال يتحقّق بقراءة كلّ أجزاء الكتاب بينما يتحقّق العصيان بترك جزء منه ، فالعموم الأجزائي كالعموم المجموعي من هذه الناحية ، بحيث يكون المجموع موضوعا واحدا لحكم واحد ، فلا تكثّر ولا شموليّة في الحكم والموضوع.
بينما الصورة الذهنيّة التي تعطيها جملة ( اقرأ كلّ كتاب ) تفيد أنّ هناك أحكاما متعدّدة متكثّرة بعدد ما للموضوع من أفراد ومصاديق ، ولذلك فهناك امتثالات