متعدّدة ، وهناك أيضا مخالفات عديدة بترك كلّ فرد فرد من هذه الأفراد ؛ لأنّ كلّ فرد موضوع مستقلّ لحكم مستقلّ عن الآخر.
وعلى هذا الأساس يطرح السؤال التالي : هل أنّ لأداة العموم وضعين لنحوين من الاستيعاب؟ وإلا كيف فهم منها في الحالة الأولى استيعاب الأفراد وفي الحالة الثانية استيعاب الأجزاء؟!
والنقطة الجديرة بالبحث هنا هي : هل أنّ هذا الاختلاف في المعنى والصورة الذهنيّة التي تعطيها كلمة ( كلّ ) عند دخولها على المعرفة تارة وعلى النكرة أخرى ، مردّه الى وجود وضعين مستقلّين في اللغة العربيّة لكلمة ( كلّ ) ، بحيث إنّ الواضع وضعها تارة لاستيعاب الأجزاء إذا دخلت على المعرفة ، ووضعها أخرى لاستيعاب الأفراد إذا دخلت على النكرة؟ أو مردّ ذلك إلى شيء آخر مع الحفاظ على كونها موضوعة لغة لمعنى واحد ، وهو الاستيعاب والشمول لكلّ ما يصلح أن ينطبق عليه المدخول ، غاية الأمر أنّ المدخول إذا كان معرّفا كان يصلح للانطباق على أجزائه فقط دون أجزاء غيره لنكتة التعيين والتشخّص في المعرفة ، وإذا كان متكثّرا كان صالحا للانطباق على كلّ الأفراد والمصاديق لنكتة الشيوع والانتشار في النكرة؟
وإلا فكيف حصل هذا الاختلاف في كلمة ( كلّ ) إذا ما دام الوضع فيها واحدا ولا توجد قرينة على ذلك؟!
وقد أجاب المحقّق العراقي رحمهالله (١) على هذا السؤال بأنّ ( كلّ ) تدلّ على استيعاب مدخولها للأفراد ، ولكنّ اتجاه الاستيعاب نحو الأجزاء في حالة كون المدخول معرّفا بـ ( اللام ) ، من أجل أنّ الأصل في بـ ( اللام ) أن يكون للعهد ، والعهد يعني تشخيص الكتاب في المثال المتقدّم ، ومع التشخيص لا يمكن الاستيعاب للأفراد ؛ فيكون هذا قرينة عامّة على اتّجاه الاستيعاب نحو الأجزاء كلّما كان المدخول معرّفا بـ ( اللام ).
أجاب المحقّق العراقي على السؤال المذكور : بأنّ الأصل في كلمة ( كلّ ) أن تدلّ على استيعاب الأفراد كما في قولنا : ( أكرم كلّ عالم ) فإنّها تدلّ على استيعاب تمام الأفراد التي يصلح المدخول للانطباق عليها ؛ لأنّ العموم معناه الشمول والاستيعاب
__________________
(١) مقالات الأصول ١ : ٤٣٣.