بعمومها وبإطلاقها على الأحكام معناها أنّ الأحكام الواقعيّة التي يسلّم هؤلاء بوجودها مطلقة وعامّة وليست مقيّدة ، فالتقييد مخالف للظاهر من الأدلّة.
وثانيا : مخالف للإجماع والتسالم على أنّ الأحكام الواقعيّة مشتركة بين العالم بها والجاهل على حدّ سواء. فإنّ اشتراكهما في الأحكام يعني أنّ الأحكام الإلهيّة ثابتة مطلقا سواء علم بها أو جهل ولا تتبدّل ولا تتغيّر (١).
__________________
(١) ثمّ لا بأس بالتنبيه على النكتة التي أدّت للقول بالتصويب بأحد نحويه فنقول :
ذكروا أنّ أحكام الله تعالى ليست شاملة لكلّ الحوادث والجزئيّات وإلا للزم بيان أحكامها في الكتاب أو السنّة ، ومن المعلوم أنّ الكتاب والسنّة محدودان في عدد من المسائل والحوادث لا كلّها. وأمّا الحوادث التي لم يتعرّض الكتاب أو السنّة لبيانها ، فهي موكولة إلى علماء الإسلام القادرين على الاجتهاد وبذل الجهد والوسع لمعرفة أحكامها من الأدلّة والأصول التي جعلت لها الحجيّة. وهذا يعني أنّه لا يوجد حكم إلهي واقعي مسبقا ، وإنّما الحكم الإلهي لهذه الحوادث والجزئيّات يتبع رأي المجتهد ونظره ، ولذلك تكون أحكام المجتهد مصيبة دائما.
وهذه النكتة غير مقبولة ؛ لأنّ لازمها وجود أحكام واقعيّة متناقضة ومتعارضة في الحادثة الواحدة ؛ وذلك فيما إذا اختلفت آراء المجتهدين فيها تحريما وتحليلا مثلا ، فتكون حادثة واحدة واجبة ومباحة أو محرّمة ومحلّلة واقعا وهذا مستحيل ؛ لأنّه يعني اجتماع الضدّين واقعا ويعني أنّ الله تعالى يحكم بالضدّين معا وهو محال.