بلحاظ المبادئ سواء كان جعل الحكم الظاهري بلسان جعل الحكم المماثل أو بلسان جعل العلميّة والطريقيّة.
وهذا لا يستفاد من جواب المحقّق النائيني ؛ لأنّه إنّما غيّر الصياغة الاعتباريّة فقط ولم يتعرّض للمبادئ وأنّها موجودة أو ليست موجودة. فالإشكال على حاله إذن (١).
ومنها : ما ذكره السيّد الأستاذ (٢) من أنّ التنافي بين الحرمة والوجوب مثلا ليس بين اعتباريهما ، بل بين مبادئهما من ناحية ؛ لأنّ الشيء الواحد لا يمكن أن يكون مبغوضا ومحبوبا ، وبين متطلّباتهما في مقام الامتثال من ناحية أخرى ؛ لأنّ كلاّ منهما يستدعي تصرّفا مخالفا لما يستدعيه الآخر.
الجواب الثاني على إشكال التضادّ ما ذكره السيّد الخوئي رحمهالله من أنّ التنافي بين الأحكام التكليفيّة كالوجوب والحرمة إنّما يكون بأحد لحاظين هما المبدأ والمنتهى ، وأمّا عالم الاعتبار فلا تنافي بلحاظه ؛ لأنّه مجرّد صياغة إنشائيّة فقط فلا مانع من جعله على المتضادّين بأن يقال : ( يجب أداء الديون للناس ، وبأن يقول حقّ الله قبل حقّ الناس ويجب أداؤه ) ما دام مجرّد صياغة خالية عن المبادئ.
أمّا التنافي بلحاظ المبدأ فالمقصود به هو التنافي بلحاظ مبادئ الأحكام التكليفيّة من ملاك وإرادة ، فإنّه من المستحيل أن يكون هناك حكمان تكليفيّان كالوجوب والحرمة ثابتين معا ؛ لأن مبادئ الوجوب تتنافى مع مبادئ الحرمة. فإنّ المصلحة لا يمكن أن تجتمع مع المفسدة على شيء واحد ، والمحبوبيّة لا تجتمع مع المبغوضيّة على
__________________
(١) ولكن يمكن أن يقال : إنّ المحقّق النائيني قد أشار إلى عدم وجود مبادئ في الحكم الظاهري وذلك بقوله : ( فلا يوجد حكم تكليفي ظاهري زائدا على الحكم الواقعي ) ، فإنّ هذا معناه أنّ الحكم الظاهري لا ينشأ من جعله وجود حكم بالوجوب مثلا كما أخبر به الثقة ، وإذا لم يكن هناك حكم بالوجوب فليست هناك مبادئ مستقلّة على وفق الحكم الظاهري ، بل هناك مبادئ الحكم الواقعي فقط ، ولذلك لا يوجد إلا حكم تكليفي واقعي واحد فقط.
وبهذا يكون مقصود النائيني من نفي وجود الحكم الزائد المطابق للحكم الظاهري هو نفي مبادئه أيضا ؛ لأنّه إذا لم يكن هناك وجوب واقعي فليس هناك مبادئ لهذا الوجوب أيضا.
(٢) مصباح الأصول ٢ : ١٠٨ ـ ١١١.