تكن واصلة فهي غير منجّزة فلا متطلّبات لها فيكون الحكم الظاهري هو الواصل والمتطلّبات له فقط. وهذا معناه دائما وصول أحدهما فقط إلى المكلّف ، فليس هناك إلا متطلّبات الحرمة فقط أو الوجوب فقط ولا يمكن اجتماعهما معا في عالم الوصول والتنجّز ؛ لأنّ وصول أحدهما يلزم منه ارتفاع موضوع الآخر قطعا.
وعليه فلا تنافي بين الوجوب الظاهري والحرمة الواقعيّة لا بلحاظ المبادئ ولا بلحاظ الامتثال فضلا عن عالم الاعتبار. وبذلك يرتفع محذور التضادّ المذكور أو اجتماع المثلين.
وبهذا أيضا لا يكون المولى مفوّتا لغرضه ؛ لأنّ له غرضا متعلّقا في نفس جعل الحكم الظاهري ، وبهذا الفرض سوف يكون هناك مصلحة في الحكم الظاهري تعوّض مصلحة الواقع الذي يفوت.
ولكن نتساءل : هل يمكن أن يجعل المولى وجوبا أو حرمة لملاك في نفس الوجوب أو الحرمة؟ ولو اتّفق حقّا أنّ المولى أحسّ بأنّ من مصلحته أن يجعل الوجوب على فعل بدون أن يكون مهتمّا بوجوده إطلاقا ، وإنّما دفعه إلى ذلك وجود المصلحة في نفس الجعل ، كما إذا كان ينتظر مكافأة على نفس ذلك من شخص ، ولا يهمّه بعد ذلك أن يقع الفعل أو لا يقع.
أقول : لو اتّفق ذلك حقّا فلا أثر لمثل هذا الجعل ولا يحكم العقل بوجوب امتثاله ، فافتراض أنّ الأحكام الظاهريّة ناشئة من مبادئ في نفس الجعل يعني تفريغها من حقيقة الحكم ومن أثره عقلا.
يرد على ما ذكره السيّد الخوئي من أنّ الحكم الظاهري ملاكه في نفس جعله أنّه يؤدّي إلى تفريغ الحكم الظاهري من حقيقة الحكم ، ويؤدّي أيضا إلى نفي منجّزيته فلا يحكم العقل بوجوب امتثاله ، وبالتالي لا أثر له. ولذلك يقول السيّد الشهيد : إنّنا نتساءل فعلا حول إمكانيّة أن يجعل المولى وجوبا أو حرمة ظاهريّة لملاك في نفس الوجوب أو الحرمة لا لملاك موجود في متعلّق الوجوب أو الحرمة ، فهل يمكن مثل هذا الجعل أو لا؟
ثمّ لو فرضنا إمكانيّة مثل هذا الجعل تصوّرا ، فهل يمكن أن يقع هذا الجعل خارجا أو لا؟ ولو فرضنا وقوعه خارجا ، فهل يكون له فائدة وأثر كالحكم الحقيقي أو لا؟
والجواب بالنفي لكلّ هذه التساؤلات ، فإنّ مثل هذا الجعل غير ممكن أصلا بحقّ