حرب صفين
فأما ما كان بينه وبين معاوية فقد ذكرت جملة قول علي صلوات الله عليه في ذلك ، ومما لم أذكره من جملة ما أردت إثباته وبسطه في هذا الكتاب ، وذلك أن عليا صلوات الله عليه لما فرغ من حرب أصحاب الجمل وقد كان أراد عزل معاوية عن الشام ، فدسّ إليه من يسأله في إثباته في ولايته ، فأبى عليه من ذلك ، وأشار عليه بعض من ينصح له عليهالسلام ، وقيل إن عبد الله بن العباس فيمن أشار عليه بذلك ( أن يكتب إليه بعهده فإذا دعا له وأخذ بيعته على الناس عزله ) (١) فقال علي صلوات الله عليه : إن هذا لهو الرأي العاجل ، فأما فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ ، فما أجد لنفسي في ذلك عذرا « وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً » (٢).
فكتب إليه لما فرغ من أصحاب الجمل يدعوه الى الدخول فيما دخل الناس فيه ـ من بيعته والقدوم عليه ـ ، فأبى معاوية من ذلك. وأتاه عمرو بن العاص يوافقه على رأيه ، ووعده معاوية أن يولّيه مصر وأشركه في أمره فلا يخرج عن رأيه. وكان عمرو داهية من دواهي العرب. وعلم أن ليس له عند علي صلوات
__________________
(١) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.
(٢) سورة الكهف الآية ٥١.