وعهدي بك منذ أول النهار سألت الغذاء ، ثم لم أرك ، وأراك مع ذلك تنظر الي نظرا شحيحا ، كأن في نفسك عليّ شيء.
قال علي عليهالسلام : كيف لا يكون ذلك وقد كدت أرد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد سألني العشاء عندي ، وأنا لا أعلم عندك شيء على قولك ، فمن أين هذا الطعام؟
قالت : والذي بعثه بالحق نبيا ـ وأشارت الى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ ما عندي منه علم ، ولا ظننت إلا أنه شيء جئت به من عند رسول الله صلىاللهعليهوآله .
فأمسكت عن الطعام ، وأمسك رسول الله صلىاللهعليهوآله .
وتغشى رسول الله صلىاللهعليهوآله الوحي ، فغمز بين كتفي علي عليهالسلام ، ثم قال : كل يا علي ، كلي يا فاطمة ، ووضع يده فأكل.
وقال : هذا من عند الله ، يا علي هذا عوض دينارك ، هذا عوض إيثارك على نفسك ، هذه كرامة من عند الله عزّ وجلّ لنا أهل البيت.
فأنزل الله عزّ وجلّ فيه : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١). واستعبر رسول الله ، وقال : الحمد لله الذي أنالكما كما أنال زكريا ومريم بنت عمران ، إذ كان ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (٢).
__________________
(١) الحشر : ٩.
(٢) آل عمران : ٣٧.