لا يعني موافقتي ، ولا مخالفتي له على الاطلاق ، ولا يعني ارتياحي من بعض تناولاته ، كما لا يعني رغبتي في احترام التاريخ ، وعدم المساس به ومع كل هذه التحفظات أجد بعض الرغبة في التناولات المثيرة ، والمحركة للركود ، فالساحة الفكرية ، والثقافية بحاجة إلى تحريك ما ينتابها من الركود. واختلافي معه وترددي في قبول كل رؤاه لا يضيره بشيء ، ان كان ما يطرحه ، ويثيره عن علم ، وحسن نية. فالبشر عرضة للخطأ ، وعرضة للجهل ، وإذا كان التاريخ الاسلامي مظنة للمساءلة ، والمحاكمة ، والإقرار ، والنفي فان له حرمته ، ومكانته في نفوس المسلمين ، ولا يليق المساس به إلاّ بقدر ما يخدم النص والحدث من اسقاط ، أو تصحيح ، أو تأييد ، او دفاع ، ووفق منهج ، وآليات معتبرة ، وفي ظل نتائج لا تؤدي إلى سحب الثقة به كتراث نعتز به والتاريخ الإسلامي يرتبط قوة وضعفا بالمؤرخ وبمنهجه ، ومصادره ، فالبعض يتسع للأساطير ، واللامعقول ، وآخرون يرونه للمتعة والتسلية ، وطائفة منهم يرونه للاعتبار ، وقليل منهم من يمحص الروايات ويحاكم الأخبار ، ولا يدون إلاّ ما وافق العقل والواقع وأيدته الرواية المستفيضة ولا يعول على كل المصادر. وفي ظل الفعل ، ورد الفعل ، لم أجد الحوار الموضوعي الذي يدع شخص الكاتب جانبا ، ويمسك بكلامه موضوعاً ، حتى يتبين الحق ، ومن ثم يحكم القرّاء على الكاتب كل الذي اقرؤه ـ مع الأسف ـ تلاسن واتهام ، والقضايا مازالت بعيدة عن الحوار.
والمالكي الذي طبق منهج المحدثين على الرواية التاريخية تأسياً بسلف صالح ، وطالح ، سيجد نفسه يوما « ما » أمام ركام مخيف من المبالغات ، والأكاذيب ، قد يخدم بعضها التاريخ نفسه. ولكن التسرع في اصدار الأحكام على ضوء تلك الآليات سيؤثر في النهاية على المسلمات. ومنهج المحدثين واحد