لأن فوات الواجب يكون بتركها.
واما العقاب في صورة ترك التعلم فهو منوط بالإتيان بالواجب فان خالف الواقع ثبت استحقاق العقاب في ذلك الحين ، لأن العقاب على ترك الواجب وهو لا يفوت بمجرد ترك التعلم.
هذا محصل ما أفاده المحقق النائيني قدسسره في المقام (١).
وهو ـ مع غض النّظر عما أفاده أخيرا من ثبوت استحقاق العقاب بترك المقدمات المفوتة من حين تركها ، فانه لا يخلو من بحث ليس المقام محلّه فقد ناقشه المحقق الأصفهاني (٢) ـ وجيه وتامّ. فان التعلم ليس من المقدمات المفوتة ، وملاك وجوبه يختلف عن ملاك وجوبها بالتقريب الّذي بينّاه.
إلا أن السيد الخوئي ( حفظه الله ) ناقش في هذا الكلام على إطلاقه ، وذكر : ان ترك التعلم في بعض موارده يلازم سلب القدرة على الواجب في ظرفه ، فيندرج بذلك في المقدمات المفوتة ويترتب عليه حكمها من لزومه بملاك لزوم تحصيل غرض المولى وقاعدة : « الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار » ، لو لم تؤخذ القدرة في ظرف الواجب دخيلة في الملاك.
وذلك لأن ترك التعلم قد يستلزم الغفلة وعدم الالتفات إلى وجوب بعض الاجزاء أو الشرائط المعتبرة في الواجب ، فالإتيان بها مع الغفلة عنها خارج عن حيّز القدرة ، فيستلزم ترك التعلم عدم التمكن من الواجب وعدم توجه الخطاب به إلى المكلف. كما أنه قد يستلزم عدم تمكنه منه ، لتوقف القدرة عليه على تعلمه ، كترك تعلّم القراءة أو الذّكر لمن لا يعرف النطق بالعربية أصلا ، فانه بترك التعلم تنسلب القدرة على الواجب.
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٥٤ ـ ١٥٧ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٩٨ ـ الطبعة الأولى.