وبالجملة : دعوى خروج التعلم عن المقدمات المفوتة ممنوعة على إطلاقها. نعم هي مسلمة في الجملة ، كما في موارد إمكان الاحتياط أو احتمال إدراك الواقع (١).
ولكن يمكن الدفاع عن المحقق النائيني : بان كلا من الموردين ـ اللذين ذكرهما السيد الخوئي ـ لا يصلح شاهدا على اندراج التعلّم ـ في بعض موارده ـ في المقدمة المفوتة.
اما مورد ترك تعلم مثل القراءة ونحوها من متعلقات الأحكام لا نفس الأحكام ، فتحقيق المناقشة فيه موكول إلى محلّه ، وانما نشير إلى جهة المناقشة فقط فنقول : ان تعلم القراءة ونحوها يكون دخيلا في إيجاد القدرة لا المحافظة على القدرة الموجودة ، وملاك وجوب المقدمات المفوتة موضوعه المحافظة على القدرة ، واما إلحاق إيجاد القدرة بالمحافظة عليها فتحقيقه موكول إلى محلّه كما عرفت.
واما مورد استلزام ترك التعلم لحصول الغفلة عن الحكم الملازم لامتناع امتثاله ، فمناقشته تظهر ببيان شيء : وهو انه قد استشكل في رفع المؤاخذة في حال النسيان الوارد في حديث الرفع ، بان الحكم مرتفع في حال النسيان جزما لاستحالة تكليف الناسي عقلا لغفلته ، فارتفاع الحكم ليس امرا مربوطا بيد الشارع كي يكون رفعه امتنانا على العباد.
وقد أجيب عنه : بان الغرض رفع المؤاخذة على ترك المقدمات الموجبة لعدم النسيان ، وذلك لأن الحكم وان ارتفع بالنسيان ، إلا ان النسيان قد ينشأ من أمر اختياري للعبد ، وهو ترك التحفظ ، فيمكن تصور ثبوت المؤاخذة على ترك التحفظ المؤدي للنسيان لا على مخالفة الحكم المنسي. فحديث الرفع
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ٣٦٧ ـ الطبعة الأولى.