والّذي ذكره المحقق النائيني قدسسره في هذا المقام بعد ان تعرض إلى نقل ما ذهب إليه بعض الأعاظم من رجوع النزاع في هذه المسألة إلى النزاع في كون التخيير بين الافراد عقليا أو شرعيا ، لأنه ان كان متعلق الأمر هو الطبيعة كان التخيير بين افرادها عقليا. وان كان الافراد كان الفرد متعلقا للأمر بنفسه فيكون التخيير فيها شرعيا. ومناقشته : بان التخيير الشرعي يستلزم تقدير كلمة : « أو » بالنسبة إلى كل فرد ، لأنها هي التي تؤدي التخيير فيكون الواجب هذا أو ذاك أو ذاك وهكذا. ومن الواضح ان افراد الطبيعة بحسب الغالب لا نهاية لها فيمتنع التقدير المذكور. هذا مع ان التخيير العقلي في الجملة مسلم لا نزاع فيه ، فلا وجه لتوجيه النزاع وإرجاعه إلى ما ذكر للتنافي بين التسالم المطلق على وقوع التخيير العقلي وذهاب البعض إلى تعلق الأوامر بالافراد الّذي حقيقته هو التخيير الشرعي كما عرفت : الّذي أفاده قدسسره بعد هذا البيان ـ : ان أساس النزاع في الحقيقة على النزاع في إمكان وجود الطبيعي في الخارج وعدم وجوده. وتوضيح ذلك : ان المراد من وجود الطبيعي ليس وجوده بما هو كلي يقبل الانطباق على كثيرين ، فان هذا يتنافى مع ما هو مسلم من ان الشيء ما لم يتشخص لم يوجد. بل المقصود ان الوجود الطارئ هل يطرأ على ذات الطبيعة مع قطع النّظر عن اللوازم القهرية والمشخصات من زمان ومكان ونحوهما ، وانما هي توجد قهرا من باب امتناع وجود الشيء بدون تشخص ، أو انه يطرأ على الطبيعة المتشخصة بهذه المشخصات والمتقيدة بهذه العوارض؟. وبتعبير آخر : ان المشخصات هل تكون في مرتبة الوجود فيكون معروض الوجود ـ كالتشخصات ـ هو الماهية. أو انها في مرتبة سابقة على الوجود فيكون معروضه هو الماهية المتشخصة؟. فمن يقول بوجود الطبيعي يقصد الرّأي الأول وان الوجود يتعلق بالطبيعي ذاته. ومن يقول بامتناعه يرى الرّأي الثاني وان الوجود يطرأ على الطبيعة المتشخصة لا نفس الطبيعة.