يخرج الوجوب عن كونه اختياريا للجاعل ، بمعنى ان جعله بيده.
وعليه ، نقول : اما ان يجعل الشارع الوجوب عند الدلوك أو لا ، فان جعله عند الدلوك لا حاجة إلى جعل السببية لانتزاعها من التكليف. وان لم يجعله لم ينفع جعل السببية في ترتبه. اذن فيكون جعلها لغوا.
وانما البحث يدور بين الاعلام في انها منتزعة عن التكليف أو انها امر واقعي غير مجعول.
وقد عرفت ما أفاده صاحب الكفاية رحمهالله في هذا المقام.
وقد استشكل في كلا وجهيه.
اما الإشكال في الأول : فبان ما يكون التكليف متأخرا عنه هو ذات السبب لا عنوان السببية ، فلا يلزم من انتزاع عنوان السببية من ترتب التكليف على ذات السبب الخلف ، إذ ما هو المتأخر عن التكليف غير ما هو المتأخر عنه التكليف ، نظير العلية في الأمور التكوينية ، فان المعلول متأخر عن ذات العلة ، ولكن العلية والمعلولية تنتزعان من ترتب المعلول على علته.
واما الإشكال في الثاني : فبان للتكليف مقامين : مقام المصلحة والغرض ، ومقام الجعل والاعتبار.
ومن الواضح ان دخالة السبب في المصلحة تكوينية لا جعلية ، إذ المصلحة من الأمور التكوينية ، الخارجة عن دائرة الجعل.
واما مقام الجعل والاعتبار ، فصيرورة الشيء سببا للتكليف انما هو بيد الشارع ، : فان أخذه في موضوع الحكم انتزع عنه عنوان السببية ، وإلاّ لم يكن سببا للتكليف وان كان سببا للمصلحة.
ومن الواضح ان محل الكلام هو سببية الشيء للتكليف لا للمصلحة ، وهي لا محالة منتزعة عن كيفية الجعل ومقام التشريع.
ومرجع كلتا المناقشتين : ان استدلال المحقق الخراسانيّ رحمهالله في كلا