ورد : بأنه بعد ان كان التكليف بيد الشارع كان عدمه كذلك لأن نسبة القدرة إلى طرفي الوجود والعدم على حد سواء. وعليه فعدم التكليف بيد الشارع ، ولا يعتبر في المستصحب إلاّ ان يكون أمرا بيد الشارع (١).
ولكن التحقيق : ان ما يمنع من التعبد بعدم التكليف أمر وراء ذلك ، وما ذكرناه من الإشكال فيه وجوابه لا يرتبطان بحقيقة المانع. بيان ذلك : ان اعتبار عدم التكليف والتعبد تارة يكون واقعيا. وأخرى يكون ظاهريا.
فان كان واقعيا ، بان اعتبر الشارع عدم التكليف في الواقع ، وجعل عدمه واقعا. فلا يخلو الحال اما ان يكون التكليف ثابتا في الواقع. أو لا يكون ثابتا في الواقع. فعلى الثاني : يلغو جعل العدم ، إذ مجرد جعل التكليف في الواقع يكفي في تحقق عدم التكليف وترتب الأثر عليه ، بلا حاجة إلى اعتبار العدم فانه مئونة زائدة.
وعلى الأول : يكون من الجمع بين الضدين نظير ما يقال في جعل الوجوب والحرمة واقعا لموضوع واحد في آن واحد ، فان جعل عدم التكليف وجعل التكليف يكونان متضادين (٢) بلحاظ الآثار المترتبة عليهما وبلحاظ المبدأ لكل منهما.
وان كان ظاهريا ..
فتارة : يراد به جعل العدم ظاهرا ، فهو مضافا إلى عدم ترتب الأثر عليه من التعذير والتأمين عن العقاب ، إذا المدار في ذلك على عدم التكليف واقعا ، فانه لا يحتاج إليه فانه يكفي عنه مجرد عدم جعل التكليف في الظاهر.
وأخرى : يراد به جعل عدم التكليف الواقعي في مرحلة الظاهر ـ يعني
__________________
(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٢ ـ ٢٥٨ ـ الطبعة الأولى.
(٢) لا متناقضين ، لأن جعل العدم وجعل الوجود أمران وجوديان ، نعم التكليف وعدمه متناقضان ، فالتفت.
( منه عفي عنه )