وفي المنظمات الصغيرة الصغيرة التي لاتبين إلا بالمجاهر ، لينظر في ذلك بعين المتدبر المتطلع الذي لم تصرفه الالفة عن استجلاء الروائع ولم تفقده لفتة الاعتبار وهزة الاستغراب ، لينظر في هذا الملكوت الفسيح المديد كمن يدخله أول مرة ويرسل فيه أول نظرة ، فهل يلفي إلا معجزة ؟ وهل يشهد إلا آية ؟ معجزة تعيى دونها القدرة المحدودة ، وآية يدهش لها العقل الحصيف ..
ثم لينظر في كل واحدة من هذه الاعاجيب ألا يجدها دليلاً صريحاً على قدرة جبارة ، وعلى علم محيط ، وعلى حكمة بالغة ، وعلى كمال مطلق ، ثم على وحدة لايدنسها شرك ، وغنى لا تشوبه فاقة ، وقوة لاينالها ضعف ؟.
وهذه بذاتها هي ركائز الإسلام الاولى وتلك هي براهينه على ثبوتها منتشرة كانتشار النور في كل وجهة ، واضحة كوضوح اليقين في كل قلب فهل يطمع طامع في تعاليم اسمى من هذه التعاليم ؟ وهل يرقب أحد حججاً اسطع من هذه الحجج ؟ وهل للريب ظل حول دين تلك أصوله وتلك آياته ، وفي رسول هذه دعواه وهذه بيناته ؟
ولكن القلوب الغلف .. ولكن النفوس المدخولة لا يطيب لها ان تؤمر ، ولا يطيب لها أن تفكر ، ولا يطيب لها أن تنتفع بتفكيرها لو فكرت. ذلك هو العرض الدائم لمسخ الضمائر واظلام البصائر.
إن هذا القطيع من المخلوقات يستمرىء الجهل ويستلذ العمه ، فان عطف عليه عاطف ليدله على رشد أو ليستنقذه من هلكة صخب واجلب كمن يقاد الى نحر
(
وَقَالُوا
يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَّوْ
مَا تَأْتِينَا