تنكرت أشد التنكير للناحية المادية في الانسان ، حتى أنها تكاد تؤمن بأن الانسان ملاك يجب أن تبت أواصره بالأرض ، روحاني يجب أن تقتلع جذوره من الطين ، وأن غرائز الانسان مخلفات من حيوانيته الاولى فيجب أن تكبت وتقهر ليسلم الانسان لروحه ولترتقي روحه الى مداها الأعلى.
وتجاهلت ان الانسان كل ، يفسده التبعيض ، بل ووحدة تبطلها التجزئة. وما حياة جسد بلا روح ؟ وما جدوى روح بغير جسد ؟ ماجدواها في بناء هذي الحياة وتعمير هذه الدار ؟.
وما رقي روح جسدها مرهق القوى مكبوت النوازع ؟
أترى أن مثل هذه الروح تطيق حمل الاعباء ، أعباء الدين الذي تمحضت له بله الحياة التي أعرضت عنها ؟ فليس الدين هلوسة تعتزل في الصوامع وتبتعد عن المجامع ، وليس الدين مخلوقاً مائل الشق ، وليس ميزاناً شائل الكفة ، ينظر في صلة المرء بآخرته ويقطع اواصره بدنياه ، وما عدل دين يحيف على ناحية ليوفر على اخرى ؟.
وبعد فهي دعوة الى هدم الحياة ولا يحتملها دين يتطلب منه تنظيم الحياة ، بل ولا يحتملها دين يرجىٰ أن تطول به الحياة.
كذلك فكرت المسيحية في نظرتها الى الانسان والى مركزه من الكون ، ووظيفته في الحياة. أن ينكمش في زاوية لا يتخللها نور الدنيا ، ولا ينفذ اليها نسيمها ، وأن يقيم فيها على حذر ، وينظر الى ماحوله بتريّب !!.
وعلى هذه الأسس المنهارة بنت علاقة
الفرد بالفرد وبالأسرة والمجتمع ،