واعطت مالقيصر لقيصر وما لله لله ، فالدين في رأيها غير عام النظرة لشؤون الدنيا ، ولا تام الملاحظة في علاقات الانسان ، ومن اجل هذه التعاليم الشائهة كانت هزيمتها النكراء وكان فشلها الذريع.
* * *
( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ ) (١).
في سابق هذه الآية الكريمة احتجاج قوي العارضة وإنكار شديد اللهجة على الذين زعموا أن الله هو المسيح بن مريم ، وعلى الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة. واذن فالخطاب والنداء في الآية يتوجهان الى النصارى الذين غلوا في دينهم غير الحق فأحلوا السيد المسيح فوق رتبته من الرسالة ، ومنحوه فوق منزلته من الكرامة ولا يمتنع أن يعمم الخطاب غير النصارى من أهل الكتاب فقد غلوا كذلك في دينهم ، وركبوا متون الاهواء والشطط في أمر المسيح ، ولعل هذا هو الوجه في نداء أهل الكتاب.
تقول الآية الكريمة ان اشياع المسيح حين يغلون في دينهم غير الحق ويُفرطون في مقام هذا الرسول الكريم من العقيدة فيزعمون وحدة اللاهوت فيه بالناسوت ، أو يقولون : الربّ ذات واحدة لها ثلاثة أقانيم فانما يتبعون بذلك أهواء قوم درجوا من قبلهم على هذه الضلالة ، وسبقوهم بالخلود الى هذه المزاعم.
وتقول آية كريمة اخرى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ
__________________
١ ـ المائدة ، الآية ٨٠.