هو قبل الأشياء لانه خلقها ، وخالق الشيء لابد وأن يكون قبله وهو مع الأشياء لانه صرّفها من حال الى حال ومن صورة الى صورة ومن زمان الى زمان ودبرها بمقتضى الحكمة في جميع الاحوال والصور والازمان ومصرف الشيء ومغيره لا بد وأن يكون معه. وهو بعد الأشياء ، لان ماليس له ابتداء لايكون له انتهاء.
وبعد أفليس من أشد الامور غرابة أن يقف الانسان العالم المفكر المتبصر دون هذه النتائج المحتومة المعلومة بعد أن يغرس بيديه بذرتها الحية ويفحص بنفسه تربتها الزكية ، ويتعهد بذاته ريها الكافي ، ويلحظ بعينيه نموها الكامل وإثمارها المبهج النافع ؟!. أليس غريباً ان يصده الهوى عن أجلى المقدمات ويشل منه التصديق دون أصدق النتائج ؟!
أليس غريباً أن ينكر هو ويقول قد أنكر العلم ، ويسفه هو ويقول قد سفه الحق ؟. متى جاز في العقول أن يوجد شيء من تلقاء ذاته ليقول انسان له شعور وله علم : إن الكون قام وحده دون موجد ودون مدبر ؟!
أم يقولون : هي الطبيعة الخالقة ؟!.
ومن العجيب أن يصدر هذا القول من عاقل حصيف ، إي وعينيك انه لقول عجيب.
أليس في هذه الكشوف العلمية الدقيقة ما يحول دون هذا الاسفاف ؟
أليس في دقة الصنع ما يدل على ان الصانع حكيم ؟.
أليس في هبة الحياة ما يدل على ان الواهب حي ؟.
أليس في إضافة ضروب الكمال ما يدل على ان المعطي كامل ؟.
فهل هذه صفات الطبيعة وهي كما يقولون صماء بكماء ؟.