الى أسوأ ما ينحدر اليه الانسان عندما يصاب بالحمى ، وشعر الأمام الحسن بالخطر يحدق بأمله الكبير .. فطلب من والدته أن تتهيأ لرحلة الحج وأن تصطحب معها حفيدها العزيز (١٥٥).
وفي ذلك اليوم قال الامام لوالدته وهو ينظر الى الأفق البعيد لكأنه يشعر بالنهاية القادمة والرحيل وشيك :
ـ تصيبني في سنة ستين ومئتين حرارة أخاف أن انكب منها.
نظرت الأم الى ابنها الذي لم يبلغ الثلاثين بعد .. لقد حوّلته الهموم الى شيخ هدمته السنون والأيام ..
تجمعت في عينيها الدموع كغيوم ممطرة واجهشت بالبكاء .. قال الابن العظيم بصبر الانبياء :
ـ لا تجزعي يا أماه .. لابد من وقوع أمر الله ..
واستدعى ابنه ، فاجلسه في احضانه الدافئة وقبله وقال بأمل :
ـ « الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي ـ أشبه الناس برسول الله خلقاً وخلقاً .. يحفظه الله في غيبته ، ويظهره فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » (١٥٦).
وفي لحظات الوداع الأخيرة سلم الامام نجله سيفاً ورثه عن الآباء والأجداد .. سيفاً يحمل كل معاني الثورة على الظلم والظالمين ويتجسد فيه غضب المقهورين والمستضعفين (١٥٧).
تنتظم قوافل الحج في شهر ذي القعدة وتنهض النوق