كان « درب الحصا » في ذلك الضحى غارقاً في حزن مرير ، وباب منزل الامام مشرعاً ، وقد تجمهر عشرات الناس قرب الباب بعد أن ضاق المنزل بهم ..
كان الخبر قد تسرب الى بعض اصدقاء الامام ، ثم سرعان ما انتشر وقد تلقى أهالي المدينة الخبر بأسى ووجوم وبكى بعضهم .. بكى السلام الراحل .. والرجل المبارك الذي حل بين ظهرانيهم منذ عشرين سنة .. قضاها في خدمة الاسلام ومساعدة المنكوبين ونشر العلم الالهي ..
كمنارة مسجد مضيء كان الامام .. روحانياً شفافاً في زمن تكاثفت فيه المادة والطين .. زاهداً في زمن استعرت فيه حمى الحرص .. تغمره السكينة في قلب العاصفة .. عاصفة الشرّ ..
أحبه الناس جميعاً الشيعي والسني .. المسلم والنصراني ..
المنزل يغص بالجماهير وكان الشيعة اكثر الناس فجيعة .. الدموع تجري بصمت كسماء مثقلة بمطر خريفي .. وهواجس الحيرة تملأ القلوب عن الامام الذي سينهض بالأمانة .. والخوف يمنع الجميع عن السؤال ، فهناك عيون زجاجية مبثوثة .. عيون جواسيس منحوتة من الصخر .. انوفهم كأنوف الكلاب .. وقلوبهم كتل من رصاص ..
جثمان الامام مسجى وابنه الحسن يصلي ، ومناحة في حجرة مجاورة ارتدت سامراء ثوب الحزن والحداد ، فقد تعطلت