هذا الخبر إن دل على شيء فإنما يدلّ على ذكائه ونبوغه ، لأنه من النادر أن يستطيع صبيّ في السابعة من عمره أن يحفظ القرآن كله. ومن النادر أيضا أن يستطيع صبيّ في التاسعة من عمره أن يكتب الحديث على الطريقة التي كان يسير عليها القدماء من الرواية والسند. وإذا كان المسلمون ارتضوا أن يصلي بهم غلام في الثامنة من عمره فهذا دليل على ثقتهم فيه ، وتقديرهم له ، وإعجابهم به.
رحل « أبو جعفر الطبري » في سبيل طلب العلم إلى : العراق ، والشام ، والحجاز ، ومصر ، ولقد كانت مصر ثريّة بعلمائها الذين أخذ عنهم « الطبري ». فقد أخذ عن « يونس بن عبد الأعلى الصدفي » قراءة « حمزة ، وورش ».
كما أخذ « الطبري » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « سليمان بن عبد الرحمن بن حامد ، والعباس بن الوليد بن مزيد ، كما روى حروف القراءات سماعا عن : « أبي كريب محمد بن العلاء ، وأحمد بن يوسف التغلبي » وغير هؤلاء كثير (١).
كما أخذ حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء منهم : « محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وأحمد بن منيع البغوي ، ومحمد بن حميد الرازي ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وأبو سعيد الأشجّ » وغيرهم كثير (٢).
وفي « مصر » أخذ فقه الشافعي على « الربيع بن سليمان المرادي ، واسماعيل بن إبراهيم المزني ، ومحمد بن عبد الله بن الحكم ».
وقد تصدر « أبو جعفر الطبري » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم :
__________________
(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٠٧.
(٢) تاريخ بغداد ج ٢ ص ١٦٢.