أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تخالف رسم المصحف ، وأنكر ذلك جميع من حضر المجلس من القضاة ، والفقهاء والقراء وأشاروا بعقوبته ، ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع عن رأيه ، فأمر الوزير ـ ابن مقلة ـ بتجريده من ثيابه وضربه بالدّرة على قفاه ، فضرب نحو العشرة ضربا شديدا فلم يصبر واستغاث ، وأذعن بالرجوع والتوبة ، فخلى عنه ، وأعيدت عليه ثيابه ، واستتيب وكتب عليه كتاب بتوبته وأخذ فيه خطه بالتوبة ، ا هـ (١).
وهكذا كانت حادثة « ابن شنبوذ » رادعا لكل من تريد له نفسه الخروج عن إجماع المسلمين ومحاولة القراءة بغير ما تواتر واشتهر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
حكم القراءة بالشاذ
فإن قيل : نريد بيان آراء العلماء في حكم القراءة بالشاذ. أقول : قبل الدخول في تفصيل ذلك يجدر بي أن أبين تعريف الشاذ فأقول : يقال : شذّ عنه يشذّ شذوذا بمعنى ندر عن جمهوره ، وشذاذ الناس : الذين يكونون في القوم ليسوا في قبائلهم ولا منازلهم (٢).
من هذا يتبين أن مادة « شذذ » تدور حول الندرة ، والتفرد ، والقلة ، والغرابة ، والتفرق. أما عن بيان حكم القراءة بالشاذ فأقول وبالله التوفيق : من يتابع أقوال العلماء في ذلك ، وأقوال الفقهاء في هذه القضية يستطيع أن يحكم بأن هناك شبه إجماع من علماء المسلمين على أنه تحرم القراءة بالشاذ في الصلاة وغيرها.
__________________
(١) انظر تاريخ بغداد ج ١ ص ٢٨٠.
(٢) انظر لسان العرب ، مادة [ شذذ ] ج ٤ ص ٢٢١٩.