ذلك بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل وأورط نفسه في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله ، وحاول إلحاق كتاب الله عزوجل من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه ، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله عزوجل بسيّئ رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض على أهل الاسلام قبوله والأخذ به كابرا عن كابر وخالفا عن سالف (١).
وقال « الخطيب البغدادي » ت ٤٦٣ هـ : روى « ابن شنبوذ » عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر ، وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الاجماع يقرأ بها ، فصنف أبو بكر بن الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه ا هـ (٢).
وقال إسماعيل الخطبي ت ٣٥٠ هـ في كتاب التاريخ : اشتهر ببغداد أمر رجل يعرف « بابن شنبوذ » ، يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف مما يروى عن « عبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب » ، وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه « عثمان بن عفان » رضياللهعنه ، ويتتبع الشواذ فيقرأ فيها ويجادل حتى عظم أمره وفحش ، وأنكره الناس ، فوجه السلطان « محمد بن المقتدر بن المعتضد » أبا العباس المعروف بالراضي بالله فقبض عليه في يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة من الهجرة وحمل إلى دار الوزير « محمد بن علي بن مقلة » ت ٣٢٨ هـ.
وأحضر القضاة والفقهاء والقراء ، وناظره ـ الوزير ابن مقلة ـ بحضرتهم ، فأقام الوزير على ما ذكر عنه الحجة ، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه ،
__________________
(١) انظر في رحاب القرآن للدكتور / محمد سالم محيسن ج ٢ ص ٤٤١.
(٢) انظر تاريخ بغداد ج ١ ص ٢٨٠.