فلم يجتمعا ، فتركت التجارة ولزمت العبادة ا هـ (١). وكان « أبو الدرداء » رضياللهعنه مدرسة وحده ، فقد روي أن الذين كانوا في حلقة إقرائه ، أزيد من ألف رجل ، ولكل عشرة منهم ملقن ، وكان « أبو الدرداء » يطوف عليهم قائما ، فإذا أحكم الرجل منهم ، تحوّل إلى « أبي الدرداء » يعرض عليه.
وقد روى عن « أبي الدرداء » عدد كثير أذكر منهم : أنس بن مالك ، وابن عباس ، وأبا أمامة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وغيرهم من خيرة الصحابة.
ومن التابعين : علقمة بن قيس ، وقبيصة بن ذؤيب ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن يسار ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وخالد بن معدان ، وعبد الله بن عامر اليحصبي أحد القراء السبعة المشهورين ، ولا زال المسلمون يتلقون قراءته حتى الآن.
وعن « محمد بن كعب » قال : لما كان زمن « عمر بن الخطاب » رضياللهعنه ، كتب إليه « يزيد بن أبي سفيان » إن أهل الشام قد كثروا ، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم ، فأعنّي برجال يعلمونهم ، فدعا « عمر » كلا من : معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبي الدرداء ، وأبي بن كعب ، وأبي أيوب الأنصاري ».
وقال لهم : إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن ، ويفقههم في الدين ، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم. فخرج « عبادة بن الصامت » إلى « حمص » وخرج « أبو الدرداء » إلى « دمشق » وخرج « معاذ بن جبل » إلى « فلسطين » ولم يزل « أبو الدرداء » بدمشق حتى توفاه الله تعالى (٢).
__________________
(١) أخرجه ابن سعد ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٣٧.
(٢) أخرجه ابن سعد ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٤٤.