الصلاة أضيع » (١). فهذا الخبر إن دلّ على شيء ، فإنما يدلّ على مدى حرصه على أن يكون سنده في العلم ، قويّا صحيحا. قال « أبو نعيم » : حدثنا « عبد الله بن محمد » عن « أبي العالية » أنه كان إذا أراد أن يختم « القرآن » من آخر النهار أخره إلى أن يمسي ، وإذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره إلى أن يصبح (٢).
وكما كان « أبو العالية » عالما بالقرآن صحيح السند ، فقد كان أيضا عالما بالسنة وصحيح السند ، فقال تلقى الحديث وسمعه من « عمر ـ وعليّ ـ وأبيّ ـ وأبي ذرّ ـ وابن مسعود ـ وعائشة ـ وأبي موسى ـ وأبي أيوب ـ وابن عباس ـ وزيد بن ثابت » رضي الله عن الجميع (٣).
وكان « أبو العالية » يختم « القرآن » كل جمعة ، يدلّ على ذلك الخبر التالي : قال « أبو خليدة » خالد بن دينار : سمعت « أبا العالية » يقول : كنّا عبيدا مملوكين ، منا من يؤدي الضرائب ، ومنا من يخدم أهله ، فكنا نختم كل ليلة ، فشق علينا ، حتى شكا بعضنا إلى بعض ، فلقينا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعلمونا أن نختم كل جمعة ، « فصلينا ونمنا ولم يشق علينا » ا هـ (٤).
ولقد كان « لأبي العالية » المكانة السامية عند « ابن عباس » رضياللهعنهما يدلّ على ذلك الخبر التالي : فعن « أبي العالية » قال : كان « ابن عباس » يرفعني على « السرير » وقريش أسفل من السرير ، فتغامزت بي قريش ، فقال « ابن عباس » : هكذا العلم يزيد الشريف شرفا ، ويجلس المملوك على الأسرّة » (٥).
وكان « أبو العالية » من الذين يخشون الله تعالى حق خشيته ، ويخافون عقابه وعذابه ، وهناك أكثر من دليل على ذلك ، ولكنني أكتفي بذكر ما يلي : فقد قال
__________________
(١) انظر حلية الأولياء ج ٢ ص ٢٢٠.
(٢) انظر حلية الأولياء ج ٢ ص ٢٢٠.
(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٢٠٧.
(٤) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٢٠٩.
(٥) انظر سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٢٠٨.