وعن « يحيى القطان » قال « سعد » : اشتكيت بمكة ، فدخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعودني ، فمسح وجهي وصدري وقال : « اللهم اشف سعدا » فما زلت يخيّل إليّ أني أجد برد يده صلىاللهعليهوسلم على كبدي حتى الساعة » ا هـ (١).
وكان « سعد » رضياللهعنه حينما أسلم صادقا في إسلامه لم تؤثر فيه العواطف ، يوضح ذلك ما يلي : فعن « مسلمة بن علقمة » أن « سعدا » رضياللهعنه قال : نزلت هذه الآية فيّ : ( وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) (٢).
قال : كنت برّا بأمي ، فلما أسلمت ، قالت : يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعنّ دينك هذا ، أو لا آكل ، ولا أشرب حتى أموت ، فتعيّر بي ، فيقال : يا قاتل أمه. قلت : لا تفعلي يا أمه إني لا أدع ديني هذا لشيء ، فمكثت يوما وليلة لا تأكل ولا تشرب وأصبحت وقد جهدت ، فلما رأيت ذلك قلت : يا أمه تعلمين والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ، ما تركت ديني ، إن شئت فكلي أو لا تأكلي ، فلما رأت ذلك أكلت ا هـ (٣).
كما كان رضياللهعنه من المتواضعين الذين لا يحبون الظهور : فعن « عامر ابن سعد » قال : كان أبي في غنم له ، فجاء ابنه « عمر » فلما رآه قال : أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب ، فلما انتهى إليه قال : يا أبت أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك ، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة ، فضرب صدر « عمر » وقال : اسكت فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : « إن الله عزوجل يحب العبد التقيّ الغنيّ الخفيّ » ا هـ (٤)
__________________
(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ١١٠.
(٢) سورة العنكبوت الآية ٨.
(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ١ ص ١٠٩.
(٤) أخرجه مسلم وأحمد.